للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تهدف إلى بعث الدولة الجزائرية بعد استرجاع سيادتها، استقبل الشيوعيون الحرب الإمبريالية الثانية. فالجزائر، حسب الحزب الشيوعي الجزائري، ليست هي الجزائر التي اعتادت عليها فرنسا سنة ١٨٣١.

****

اندلعت الحرب الإمبريالية الثانية إذن، بعد أن تراجع حكم الجبهة الشعبية وفشل مشروع بلوم/ فيوليت وبعد أن اندثر المؤتمر الإسلامي. وبينما كان موقف الحركة الوطنية الجزائرية من الأطراف المتحاربة واضحاً إذ أن الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس صرح وكتب على أعمدة الصحافة أن "لا ناقة لنا ولا جمل في هذه الحرب، وعلى الجزائريين أن لا يشاركوا فيها بأية طريقة كانت"، ووجه حزب الشعب الجزائري تعليماته إلى المناضلين والإطارات يدعوهم إلى رفض التجنيد في صفوف الجيش الفرنسي والهروب منها في حالة التواجد فيها، فإن الحزب الشيوعي الجزائري، رغم حله قانونياً وعودته للنشاط تحت اسم "جبهة الحرية" قد تخلى عن كل القيم النضالية وراح يدعو إلى تعبئة جميع الإمكانيات المادية والبشرية من أجل "تحرير فرنسا التي سقطت تحت ضربات النازية القاضية".

ولقد دخل الشيوعيون الجزائريون فترة الحرب الإمبريالية الثانية مهزومين بسبب قرار الحل الذي ترتب عنه إلقاء القبض على عدد كبير من قادتهم الذين يأتي في مقدمتهم السيد قدور بلقاسم الانف الذكر، ومقسمين نتيجة استقالة بعض القادة الأساسيين أمثال ابن علي بوخرط (١٠) وانسحاب أعداد غفيرة من المناضلين الذين رأوا أن سياسة الحزب الشيوعي الجزائري لا تتماشى مع مصالح الشعب الجزائري، فهي تقف ضد توجهات حزب الشعب الجزائري الرامية إلى استرجاع الاستقلال الوطني وتخدم الإدارة الاستعمارية ممثلة في الجبهة الشعبية التي لم تقدم أي شيء إيجابي للجزائر.

وعلى غرار معظم التشكيلات السياسية الفرنسية انضمت "جبهة الحرية" إلى المقاومة ضد حكومة فيشي "حتى لا تكون الجزائر مستعمرة نازية وفي سبيل الدفاع عن الفلاحين والشباب الجزائريين". وفي الحقيقة، فإن الشيوعيين الجزائريين أو من تبقى منهم مهيكلاً في التنظيم الجديد قد تخلوا، نهائياً، عن المبادئ اللينينية الماركسية ولبسوا عباءة الوطنية الضيقة التي تفرض عليهم الدفاع عن الإمبريالية والاستعمارية بحجة الدفاع عن حرية الشعب الفرنسي.

ولأن الحركة الوطنية الجزائرية بفرعيها دعت أفراد الشعب الجزائري إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>