للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبراير سنة ١٩٨٩.

والحقيقة، فإن الزلزال المشار إليه لم يكن سوى نتيجة منطقية لتضافر جهود منظري الاستعمار الفرنسي والشيوعيين الجزائريين الذين كانوا يلتقون حول "مكونات الأمة الجزائرية" فالأوائل يعتبرون شمال افريقيا مهداً للكنيسة والبربر حماة لها وهم، أي البربر، يختلفون كلية عن العرب كما جاء ذلك في "رسالة الجزائر" التي كتبها الكيس دوتوكفيل وأما الشيوعيون، فإنهم ظلوا، إلى نهاية الأربعينات من هذا القرن، متشبثين بنظرية أمينهم العام السيد موريس توريز التي سبقت الإشارة إليها ولا داعي للتوقف عندها هنا.

ومن هذا المنظور، فإن ما يسمى اليوم بالأزمة الأمازيغية أو الأمة البربرية كما سميت في نهاية الأربعينات، ليست سوى تعبير، بأسلوب مغاير عن موقف اللائكيين والشيوعيين المنادي بمحاربة العروبة والإسلام. ومما لا شك فيه أن ذلك الموقف ناتج، أساساً، عن تأثير الثقافة الغربية في أصحابه الذين زاد في تعصبهم جهلهم المطلق للدين الإسلامي.

إن السيد محمد حربي، في معالجته لهذا الموضوع، يذكر إن من العوامل التي أنتجت الأزمة البربرية في الجزائر "فشل حزب الشعب الجزائري والحركة من أجل انتصار الحريات الديموقراطية في وضع أيديولوجية تتلاءم مع التنوع الجزائري، وكذلك خيبة الانتظار أمام التعبئة السياسية التي عرفتها سنوات، ١٩٤٩/ ١٩٥٤ (٣٩) فهذا الحكم غير صحيح لأنه يعتمد على واقع مزيف أوجده

الاستعمار، في الأساس، لضرب دعائم المجتمع الجزائري، إذ أن التنوع الذي يتحدث عنه ليس طبيعياً بل هو مصطنع والمقصود منه "هو محاربة الإسلام عدونا الأبدي" كما يعترف بذلك المدير السابق لمدرسة الآداب في الجزائر السيد إميل ماسيكري. لم يأبه الحزب الشيوعي برفض التشكيلات الوطنية لعروضه، وبعد مرور الفترة الفاصلة بين دورتي لجنته المركزية وبالضبط يوم ١٢/ ١١/١٩٥٠ جدد محاولاته لإقناع أطراف الحركة الوطنية بضرورة الانضمام إليه "حول ميثاق وحدة وعمل يرمي إلى تحقيق الاستقلال الوطني بالإضافة إلى الدفاع عن حرية التعبير والنضال في سبيل إطلاق سراح المساجين واسترجاع الأجناد الجزائريين العاملين في فيتنام" (٤٠) لكن الشيوعيين لم يكونوا صادقين في هذه المرة أيضاً، إذ سرعان ما أدخلوا تعديلات خطيرة على الميثاق المذكور وراحوا يعطون تفسيراً خاصاً بهم للاستقلال الوطني المقصود والذي هو فقط "إلغاء الاستبداد والظلم والقضاء على اللامساواة في جمهورية مفتوحة للجميع

<<  <  ج: ص:  >  >>