للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي كانت تدرك أن جماهير الشعب ملتفة حول البرامج السياسية التي تعمل أطراف الحركة الوطنية على إنجازها، كما أنها كانت تدرك أن الحزب الشيوعي الجزائري ليس له مكانة في إطار الحركة الوطنية التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ تتغذى منه وتستلهم دروسه وعظاته. ولأنها كانت تدرك ذلك وتعلم أن ثمة ثوابت لا تتخلى عنها جماهير الشعب وهي بمثابة العوامل الجامعة والمعبئة للطاقات الوطنية الحية، ويأتي الإسلام واللغة العربية في مقدمة تلك الثوابت. لأجل ذلك، وعلى الرغم من عدم إيمان الشيوعيين بجدوى اللغة العربية والدين الإسلامي في الجزائر، فإن الحزب الشيوعي الجزائري قد غير مواقفه، تكتيكياً في الفترة المشار إليها أعلاه، وراح يدرج ضمن لوائحه السياسية وعروضه الوحدوية "المطالبة بترسيم اللغة العربية وجعل تعليمها إجبارياً في جميع مراحل الدراسة، وفصل الإسلام عن الدولة مع إرجاع ممتلكاته وأوقافه إلى الجمعيات الإسلامية" (٤٤).

استطاع حزب الشعب الجزائري في الفترة ما بين ١٩٤٧ - ١٩٥٠ أن يكون تنظيماً عسكرياً أسماه المنظمة الخاصة. وقد تمكن المسؤلون عليه من اقتناء كميات معتبرة من الأسلحة بعضها تم شراؤه من مخلفات الحرب الامبريالية الثانية وبعضه استورد من ليبيا عن طريق التهريب. وقبل أن تعطى المنظمة الخاصة الإشارة الخضراء للدخول في مرحلة الكفاح المسلح من أجل استرجاع الاستقلال الوطني اكتشف أمرها لأسباب ليس هذا مكان الحديث عنها وتمكنت السلطات الاستعمارية من خرق صفوفها وملاحقة عناصرها حتى إن معظم القيادات

والإطارات الأساسية قد اعتقلت قبل نهاية الفصل الأول من سنة ١٩٥٠ التي صارت تسمى في أوساط المناضلين سنة المؤامرة.

أمام كثرة الاعتقالات وإجراءات القمع الأعمى قامت الحركة من أجل انتصار الحريات الديموقراطية بتأسيس لجنة وطنية للدفاع عن عائلات الضحايا وحمايتهم. وفي ظرف قصير تكونت، في مختلف أنحاء البلاد، لجان فرعية تابعة لها وأعربت أطراف الحركة الوطنية عن استنكارها للعسف الذي كانت تمارسه الإدارة الاستعمارية، وركب الحزب الشيوعي موجة النشاط الوطني وعبرت قيادته عن وقوفها إلى جانب لجان المساندة وجددت الدعوة إلى توحيد الطاقات الحية في إطار "جبهة وطنية ديموقراطية جزائرية" تدافع عن الحرية والأرض والسلام.

كان ذلك الموقف من الحزب الشيوعي خطوة اعتبرها حزب الشعب

<<  <  ج: ص:  >  >>