للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكائنة في البلدان الشقيقة والصديقة ينهلون من ينابيع المعرفة بشتى أنواعها، ويستعدون للدور الذي ينتظر منهم القيام به بعد استرجاع السيادة الوطنية (١).

٧ - وعلاوة على تنظيم الفئات الاجتماعية الأصيلة، رأى مؤتمر وادي الصومام أن من فائدة الثورة أيضاً الاهتمام بالأقليات الأوربية سواء منها التي جاءت غازية في ركاب الاستعمار أو التي جاءت إلى الجزائر تطلب العيش بوسائل مختلفة (٢). لقد كانت تلك الأقليات تمثل، من حيث العدد، أكثر من عشر السكان وتسيطر، فعلياً، على ثلثي الاقتصاد، ولها في باريس نفوذ على أكثر من

واحدة من الجهات التي بيدها سلطة القرار. لأجل ذلك، فإن إهمالها قد يحولها إلى قوة مناهضة وتجعلها تقبل على توظيف إمكانياتها لدعم المجهود الحربي الاستعماري.

ولم يكن المؤتمرون يجهلون أن الأوربيين، في الجزائر، ليسوا صنفاً واحداً، بل الجميع كان يدرك أن من بينهم الغلاة الذين لا ينتظر منهم شيء بإيمانهم الراسخ بأنهم من جنس أعلى وبأن نسبة كبيرة من أبناء جلدتهم إنما ولدوا ليكونوا وسيلة لهم تمكنهم من تسخير الجزائريين واستغلال ثرواتهم على اختلاف أنواعها. لكن الجزء الأكبر من المسيحيين واليهود قبل التعاون مع الثورة إما لطمع في حماية المصالح الخاصة واكتساب امتيازات أخرى نتيجة المستوى الثقافي العالي نسبياً والتكوين العلمي والمهني خاصة، وإما لقناعة فكرية نتيجة الانتماء إلى تشكيلات سياسية تقدمية متعددة. فعلى هذا الجزء قرر المؤتمر تركيز الجهد، وأوصى جبهة التحرير الوطني بإعطاء اهتمام خاص للجانب النفساني الذي يتعرض للضغط الاستعماري المكثف (٣).

إن الثورة الجزائرية لا تهدف إلى رمي الأوربيين في البحر كما أنها تدين الشعار الذي حمله أمثال "كريفو" لترهيب الأقليات وتنفيرهم من جبهة التحرير الوطني والذي يقول: "الحقيبة أو التابوت" (٤) لكنها تريد فقط استرجاع الاستقلال الوطني الذي اغتصب سنة ثلاثين وثمان مائة وألف، وإقامة جمهورية


(١) المنظمة الوطنية للمجاهدين، أشغال المؤتمر الأول لتاريخ الثورة، ص. ١٧٥.
(٢) هناك عدد كبير من الجالية اليهودية خاصة جاؤوا إلى الجزائر من جنود أوليفرنة قبل الغزو الاستعماري بكثير واستقروا في مناطق من البلاد يتعاطون التجارة والصناعة، ومن هؤلاء بكرى وبوجناح لا يمكن فصل اسميها عن تاريخ احتلال الجزائر.
(٣) المجاهد، العدد الخاص رقم ٤ ص٦٧ وما بعدها.
(٤) نفس المصدر، ص٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>