للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبمجرد العودة إلى العاصمة، شرعت القيادة العليا في الإعداد لتطبيق قرار المؤتمر المتعلق بدعم العمل الفدائي وتعميمه حتى يتمكن سكان المدن من القيام بواجبهم الوطني في إطار الكفاح المسلح الذي أصبح حقيقة ملموسة في كافة أرياف البلاد.

وتضاعف العمل الفدائي ابتداء من شهر سبتمبر سنة ست وخمسين من العمليات الجريئة التي استهدفت تفجير أشهر النوادي والمقاهي التي يرتادها الفرنسيون العسكريون والمدنيون على حد سواء (١). وخارج العاصمة يمكن الإشارة إلى ما اصطلح على تسميته بعملية "العصفور الأزرق (٢) التي مكنت الثورة من الاستحواذ، دفعة واحدة على خمسين وثلاثمائة قطعة من أحسن أنواع السلع واستفادة من عدد ماثل من الجنود المناضلين الذين عملت القوات الاستعمارية على تدريبهم عسكرياً في ظرف قصير وملائم للغاية.

وفي نفس الفترة، عرفت كبريات المدن، خاصة في الولايات الأولى والثانية والثالثة، نشاطاً فدائياً كبيراً بقصد تطهير صفوف الشعب من الخونة، ونشر جو الثقة في أوساط المواطنين الذين أرهقهم العنف الاستعماري الذي بلغ قمته في تطبيق ما يسمى بالمسؤولية الجماعية. هذا من جهة، ومن جهة ثانية كان العمل الفدائي يهدف إلى تفكيك شبكات العدو الاستعلامية، وضرب مصالحه الحيوية المتمثلة سواء في المحلات العمومية أو في المؤسسات الاقتصادية التي يستغلها غلاة الكولون. ومن حين لآخر، كان الفدائيون يوجهون رصاصهم


(١) نشرت جريدة "لومند" الفرنسية في عددها الصادر بتاريخ ٢٨/ ٢٩ نوفمبر سنة ١٩٧١ مقالاً كتبته الآنسة جارمان تبون التي كانت عضواً بديوان جاك سوستيل سنتي ١٩٥٥ - ١٩٥٦ تعلق فيه على كتاب الجنرال ماسي: "معركة الجزائر الحقيقية" ومن جملة ما ورد في المقال أن السلطات الاستعمارية هي التي بدأت بتفجير الأهداف المدنية أقدمت يوم ١٠/ ٨/١٩٥٦ على تلغيم المبنى الكائن برقم ٣ نهج طيبة انتقاماً من الشهيد عاشور الذي كان واحداً من قادة العمل الفدائي في العاصمة".
(٢) بدأت هذه العملية في شكل مؤامرة خطط لها السيد جاك سوستيل قصد اختراق صفوف جيش التحرير الوطني وتفجير الثورة من الداخل. تتمثل العملية في قيام المصالح الاستعمارية في العاصمة بالاتصال بأشخاص جزائريين يسكنون مدينة العزازقة الكائنة بولاية تيزيوزو حالياً، فعرضت عليهم تكوين أفواج من المسلحين الذين تسند إليهم مهمة تخريبية واسعة النطاق. لكن الأشخاص المعنيين اتصلوا بقيادة جبهة التحرير الوطني التي أمرتهم بقبول العرض. وشرع على الفور في تكوين الأفواج من المناضلين المخلصين. وبسرعة فائقة بلغ عددهم ٣٥٠ دربهم الجيش الفرنسي وزودهم بأحدث أنواع الأسلحة. بعد ذلك جاءت الأوامر، فالتحقوا جميعاً بصفوف جيش التحرير الوطني.

<<  <  ج: ص:  >  >>