للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهر على الأقل (١).

أما الفرع الأول فيترأسه العقيد هواري بومدين (٢) ومقره الحدود الجزائرية التونسية التي تتخذ منطلقاً للإشراف على الكفاح المسلح في شرقي البلاد الذي يشمل في هذه الحالة، الولايات الأولى والثانية والثالثة. (٣)

وبمجرد التنصيب وانطلاق العمل، تمكن العقيد هواري بومدين من تنظيم الفرع الذي أسندت إليه مسؤوليته، تنظيماً عصرياً تميز، في ذلك الوقت، بالدقة في التخطيط والانضباط في ممارسة النشاط العسكري، واستطاع، في ظرف قصير، أن يثبت ويطور أجهزة الاستعلامات والإمدادات التي أنشأها سلفه ومعلمه العقيد عبد الحفيظ بو الصوف، وتجاوز بدون كثير عناء مسألة الأشخاص إذ عرف كيف يختار محيطه الضيق ويفرض جو الأخوة والتعاون بين الجميع بما في ذلك النائب الذي كان يراهن عليه السيد بلقاسم كريم للسيطرة على غربي البلاد.

لكن العقيد محمدي السعيد لم يحالفه النجاح في تأدية مهمته إذ وجد صعوبة جمة في إقناع نوابه بمسؤوليته عليهم، ولذلك راح كل واحد منهم يعمل مستقلاً ومباشرة مع الولاية التي جاء منها أو كان يشرف عليها (٤) ومع واحد وأكثر من الباءات الثلاث الذين سبقت الإشارة إليهم. وبالتدريج تأزم الوضع في الحدود الشرقية وبدأ المرض يسري إلى هيئات الثورة بداخل الوطن وخاصة منه الولاية الأولى والقاعدة الشرقية. وأمام هذا التطور الخطير اجتمعت لجنة


(١) ذلك لأن لجنة التنسيق والتنفيذ قيادة جماعية المسؤوليات فيه موزعة بحيث لا يمكن لواحد فقط أن ينفرد بقيادة لجنة التنظيم العسكري. فكريم مكلف بمرفق الحرب، وبو الصوف بالاستعلامات والمواصلات العامة وواعمران بالتسليح والتموين وبن طوبال بالداخلية والتنظيم الإداري. وكل هذه المرافق تتحكم مباشرة في واقع الجيش وتسييره.
(٢) اسمه الحقيقي: محمد بو خروبة، جنده أحمد بن بلة في القاهرة ثم أرسله بعد تدريب عسكري إلى منطقة الخامسة حيث اتخذه بو الصوف نائباً له قبل أن تسند له كريم من جهته ليعين العقيد الصادق دهليس نائباً لبومدين على رأس الفرع المذكور. وقد كان دهليس قائد للولاية الرابعة سنة ١٩٥٧.
(٣) هو قائد الولاية الثالثة بعد بلقاسم كريم الذي بذل كل ما في وسعه ليجعله على رأس الفرع الشرقي. وحرصاً على ترضية جميع الأطراف عين كنواب له: العقيد العموري عن الولاية الأولى والعقيد بن عودة عن الولاية والعقيد عمارة بوقلاز على القاعدة الشرقية.
(٤) العقيد العموري كان يشرف على الولاية الأولى ولم يكن يطمئن لأي واحد من الباءات الثلاث الذين كان يرى أنهم أقل بكثير من المسؤولية المسندة إليهم. وكذلك الأمر بالنسبة للعقيد بوقلاز الذي كان يشرف على القاعدة الشرقية. أما العقيد محمدي السعيد فإنه كان يشرف على الولاية الثالثة لكنه كان يأتمر بأوامر السيد كريم بلقاسم. وأما العقيد ابن عودة فإنه كان عضواً بقيادة الولاية الثانية وتابعاً للسيد عبد الله بن طوبال.

<<  <  ج: ص:  >  >>