للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا يريدون الإنفصال الكلي عن فرنسا التي هي في هذه الحالة ستتوقف عن تزويد الجزائر بالخير العميم وبمليارات الفرنكات وعن فعل أي شيء لتجنيبها الفاقة والفوضى. أو هم يريدون الفرنسة التي يصبحون بموجبها جزءاً لا يتجزأ من الشعب الفرنسي يتمتعون بكامل المساواة في ممارسة الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية (١).

وتتمثل الخطوة الثانية في فتح التفاوض مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بعد أن فشلت جميع محاولات الجنرال ديغول الرامية إلى إيجاد مسلك آخر يجنبه ذلك. فمن ناحية التوصيل إلى القضاء عسكرياً على جبهة التحرير الوطني وجد الجنرال نفسه، كما رأينا، مضطراً للإعتراف بالواقع الذي أثبت تجذر جيش التحرير الوطني وإنتشاره في مختلف أنحاء الوطن بحيث لم يعد في مقدور أية قوة التغلب عليه (٢). وفيما يتعلق بتكوين القوة الثالثة.

أيقن الجنرال ديغول أن كل بناء ينجزه في هذا المجال يتحول تلقائياً لفائدة جبهة التحرير الوطني (٣)، ومن ذلك أن البرلمانيين الجزائريين المسلمين الذي شجعوا على تأسيس حزب وطني يكون بديلاً لجبهة التحرير الوطني قد شكلوا، بالفعل، التجمع الديمقراطي الجزائري، ولكن ليطالبوا الحكومة الفرنسية بفتح مفاوضات عاجلة ومباشرة مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.

أما الخطوة الثالثة فقد قطعها الجنرال ديغول في شهر أفريل (٤) عندما وجه خطاباً للأمة الفرنسية ذكرها فيه بمواقفه الهادفة لإزالة الإستعمار وهي مواقف ظلت تلازمه من أكثر منذ عشرين سنة ولم يكن متمسكاً بها بسبب حركة التحرير التي تولدت عن الحرب العالمية الثانية بل لأنها تخدم مصلحة فرنسا وتساعدها على التخلص من الكوابح التي تمنعها من التقدم والتطور، وعندما تطرق للقضية الجزائرية قال: "وبهذا الصدد، فإن أي تصور أو أي إنتخاب لن يكون واقعياً إلا إذا ساهم فيه، بالمقام الأول، الذين يحاربون من أجل الإستقلال


(١) نفس المصدر، ص: ٨٠.
(٢) السيتر هورن، تاريخ حرب الجزائر، ص ٤٣٠ وما بعدها.
(٣) CAHLLES (MAURICE) NOTRE REVOLTE. PARIS ١٩٦٨, P. ٤٦ يقول المؤلف أن الحكومة الفرنسية والتشكيلة السياسية المساندة لها قد حاولتها طلبة سنة ستين بأكملها، تأسيس حزب حيادي يتبنى السياسة الديغولية المبنية على المشاركة. ورغم كل المجهودات المعتبرة المبذولة من طرف الإدارة، فإن القوة الثالثة لم تقف على رجليها بل ولم ترى النور بالكيفية التي كان يدعو إليها الجنرال ديغول.
(٤) ألقي هذا الخطاب يوم ١١ أفريل سنة واحدة وستين وتسعمائة وألف.

<<  <  ج: ص:  >  >>