للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى الرغم من تنكر بعض قادة الثورة (١) للدور الأساسي الذي أداه الإسلام في جعل الجزائريات والجزائريين يستجيبون لنداء نوفمبر ويتفاعلون مع مخططات جبهة التحرير الوطني طيلة كل الفترة التي استغرقها الكفاح المسلح، فإن الحقيقة التاريخية تدل، بما لايدع أي مجال للشك، على أن الإسلام ظل دائماً هو القلب النابض للثورة، وأن مفاهيمه ومصطلحاته (٢) هي التي دفعت المواطنات والمواطنين إلى التضحية القصوى. لأجل ذلك فإن من الخطأ الفادح أن يقدم منظرون يجهلون واقع الشعب الجزائري وتاريخه ولايعرفون من الإسلام سوى الاسم للثورة التي عرفت كيف تعيد للجهاد وظيفته.

٤ - على عكس ادعاءات مجموعة العمل، فإن جبهة التحرير الوطني قد نجحت نجاحاً باهراً في أدلجة معظم جماهير الشعب الجزائري وتمكنت، خلال فترة الكفاح المسلح، من إدخال تغيرات جذرية على ذهنية المواطنين ومن وضع نمط للحياة جديد يختلف كلية عن النمط الاستعماري.

فالشعب الجزائري الذي كان قبل سنة أربع وخمسين وتسعمائة وألف يرفض في معظمه حتى التصديق بإمكانية الانفصال عن فرنسا ويجهل كل شيء عن هويته، أصبح بفضل نشاط جبهة التحرير الوطني، في الأرياف وفي المدن، يمارس السياسة ويشارك مشاركة فعلية سلبياً أو إيجابياً، فيما يجري في الجزائر، ولايتحدث إلا عن الاستقلال، وجهة أخرى، فإن مجرد الرجوع إلى وثيقة وادي الصومام وماجاء بعدها من نصوص أساسية وضعتها قيادات الثورة المختلفة ليدل، دلالة قاطعة على أن ثمة تطوراً أيديولوجياً ملموساً، وأن جبهة التحرير الوطني كانت تتوقف من حين لآخر تقيم المراحل المقطوعة وعلى ضوء ذلك تقوم بالإجراءات اللازمة.

وفي سنة اثنتين وستين وتسعمائة وألف، عندما وقعت الأزمة الداخلية التي كانت تحمل في طياتها بذور الحرب الأهلية وقف الشعب الجزائري موقفاً حكيماً ما كان ليكون لولا نجاح جبهة التحرير في نشر الوعي السياسي داخل صفوفه


(١) بوضياف (محمد) لقاء أجريته معه في بيته بالقنيطرة يوم ١٦/ ٠٣/١٩٨٤ لقد ظل رغم كل الحجج التي قدمتها له متمسكاً برأيه ومؤكداً أن الإسلام لم يؤدي أي دور في ثورة التحرير وبالنسبة إليه، فإن الحركة المصالية كانت ديمقراطية ولاتيكية. ولقد بقي ذلك هو موقفه حتى عندما جاء به قادة الجيش الوطني الشعبي وأسندوا له رئاسة الدولة في شهر جانفي ١٩٩٢.
(٢) منذ البداية استعملت الثورة الجهاد للتدليل على الكفاح المسلح والمجاهد لتسمية المكافح والشهيد القتيل الخ ....

<<  <  ج: ص:  >  >>