للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن المادة الثانية من نظامه الداخلي على قائد الشعب في المعركة من أجل الاستقلال التام والاشتراكية والديمقراطية ومن أجل السلم الذي هو مربوط بمقتضيات تحرير الشعوب (١).

وبالإضافة إلى هذه المغالطات التاريخية والتناقضات السياسية، فإن ميثاق الجزائر قد عبر عن طموحات غير مشروعة لأنها طموحات لجنة صياغته لاغير. ولأنه يدعو، لتحقيقها إلى اعتماد أداة لم يوفق في تعريفها بالوضوح اللازم.

أما عن الطموحات اللامشروعة فإن الميثاق يذكر أن الشعب الجزائري "وجد نفسه، قبيل الاستقلال وبعد حرب تحريرية طويلة، مدعواً إلى اختيار النظام الأنسب لخصائصه من أجل تنظيم حياته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وبما أن ثورتنا كانت، منذ ميلادها، ديمقراطية وشعبية بأوسع معاني الكلمة، فإن الجماهير الكادحة قد فتحت الطريق الموصلة إلى بناء مجتمع قائم على المبادئ

الاشتراكية (٢). فإن هذا المؤتمر الأول للحزب "يجب أن يكون أول نوفمبر جديد، أول نوفمبر الاشتراكية (٣).

كل هذه التنصيصات غير صحيحة، لأن الشعب لم يشترك في عملية اختيار النظام الأنسب لتنظيم حياته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولأن إقرار الثورة الاشتراكية لم ينطلق من تحليل معمق للواقع الذي كان عليه الشعب الجزائري، ولا من تقييم موضوعي لمختلف المراحل التي قطعتها ثورة أول نوفمبر.

وأما عن الأداة التي لابد منها لانتصار الثورة الاشتراكية في الجزائر، فإن ميثاق الجزائر يحصرها في حزب جبهة التحرير الوطني الذي ينبغي أن يكون طلائعياً ومن تركيبة اجتماعية قوامها الفلاحون والعمال والمثقفون الثوريون.

وإذا كان هناك اختلاف في التسمية بين الحزب في برنامج طرابلس وفي ميثاق الجزائر، إذ الأول جماهيري والثاني طلائعي، فإن التركيبة الاجتماعية لم تتغير وفي ذلك أكبر دليل على عدم جدية المنظرين، وسوف نرى أن عدم الحسم في مثل هذه الموضوعات الهامة هو الذي سيمنع حزب جبهة التحرير الوطني من تأدية دوره على الوجه الأكمل وهو الذي سيؤدي به إلى التحول


(١) نفس المصدر، ص١٢١.
(٢) نفس المصدر، ص١٤.
(٣) نفس المصدر، ص١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>