للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهم صناعة عصر العنب للخمر وحب الزيتون للزيت. وكانوا قد عرفوا الفلاحة. فاستفادوا من القرطاجنيين ضروبا أخر من البذور لم تكن بوطنهم، وأخذوا عنهم أيضا آلة لدرس الحبوب. ولم تكن للبربر دراية بالغراسة. فاستفادوا من القرطاجنيين غراسة الاشجار على اختلافها. وتعلموا منهم تربية الحيوانات. وعرفوا منهم المعادن فاستخرجوها. من ذلك النحاس. استخرجوه قبل الفتح الروماني. ويظن بعض الباحثين أن ذلك كان بناحية تنس. وتعلموا منهم صنع الرصاص والحلي ونحت الحجارة النفيسة. ولم ترج صناعة الحديد بين البربر إلا على يد القرطاجنيين (١). وتعلموا منهم صناعة الاواني المطلية وفنهم في البناء. فكانوا يبنون القباب على شكل الاهرام. وعرفوا الفن الاغريقي أيضا في البناء. ولكن بواسطة القرطاجنيين.

وقد عثر الباحثون في الوطن الجزائري على اطلال من بناءات البربر حكوا فيها الفن الفينيقي. وكثيرا ما يجدون أطلالا مركبة من الفنين الفينيقي والاغريقي.

وليس لقرطاجنة من حيث أنها حكومة يد في انتشار هذه الحضارة لأنها كانت في نواح لم تكن لقرطاجنة عليها سلطة. وانما كان انتشارها ناشئا عن أسباب مرجعها الى ما كان بين الامتين من الروابط. وهاك أهمها:

١ - المدن البونيقية: ذلك أن البربر كانوا يقصدون تلك المدن


(١) تأخر رواج صناعة الحديد بين البربر الى ذلك العهد لا يدل على بعدهم عن الحضارة لأن مجيئ القرطاجنيين كان لاول العصر الحديدي فيما يظهر. فقد قال تعالى في شأن داوود: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} وذلك بدل على أن عصر داوود هو بداية العصر الحديدي. وقد علمنا الخلاف في تأسيس قرطاجنة هل كان في عصر داوود او بعده، وان تأسيسها كان بعد تعرفهم بهذا الوطن على كل حال.

<<  <  ج: ص:  >  >>