للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبب لانتشار حضارة قرطاجنة بين البربر وطول أمدها غير الاسباب التي قدمنا. ولكن ما قدمناه هي الاسباب الحقيقية أما طول المكث وحده فغير كاف. وسنرى ان طول مكث الرومان لم يتسبب عنه بقاء حضارتهم بعد ذهاب سيادتهم، ولم ينتج عنه انتشارها حتى أيام سيطرتهم. بل في كلام بيروني هذا ما يغني في رد ما جعله سببا لبقاء حضارة قرطاجنة عن انتظار ما يأتي في آخر الباب التالي.

[٣ - تأثير قرطاجنة على البربر في الخط واللغة]

كانت للبربر حروف هجائية كما كانت لهم لغة. ولكنها لم تكن لغة آداب وعلم. فلما خالطوا الفينيقيين تأثروا بلغتهم ومالوا الى خطهم. حتى صاروا بقرطبة لا يتكلمون بغير الفينيقية. وأصبحت هي اللغة الرسمية بدواوين الحكومة على عهد مصينيسا فمن بعده من الملوك. وظهر ذلك على نقودهم الدولية التي عاشت بعيش دولتهم الى أواسط القرن الاول للميلاد.

وعلى أيدي الملوك والامراء انتشرت هذه اللغة بين العامه خصوصا في الجهات التي تجاور مملكة قرطاجنة. ولم تزل حية بنواحي قالمة وبونة إلى أيام القديس أغسطين. غير أنها لم تكن إذ ذاك لغة مدرسية، والبلغاء يترفعون عنها ويتظاهرون بجهلها، وانما هي لغة البوادي الذين كانوا يجهلون اللغة اللطينية الى ذلك العهد.

فكان الرومان يحتاجون في ذلك الحين الى مترجم عارف بالفينيقية عندما يضطرون الى مخاطبة البداة من البربر.

وقد وجدت كتابات بقالمة ونواحيها وقسنطينة وميلة على قبور بهذه اللغة. ويرجع تاريخ هذه الكتابات الى ما بعد سقوط قرطانجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>