للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علماء رومة يرون ان الارباب المختلفة باختلاف الامم ليست الا مظاهر لاصل رباني عام. ومن ههنا نشأ التسامح الديني عند الرومان.

فلم يضغطوا على أي شعب استولوا عليه في ديانته ولا ألزموه بديانتهم. وانما كانوا يلزمون من تحت رايتهم بعبادة قيصر. وظاهر ان هذه العبادة سياسية لا دينية. ولذلك لم تكن لها هيئة خاصة تتحد الشعوب المحكومة لرومة على أدائها. بل كانت كل أمة أو قرية تعبده على الوجه الذي تراه عبادة.

وانت تعلم ان البربر ما أتوا بشيء من باب الاختيار الا قبلوه وأخذوا منه. فكان للبربر آلهة رومانية الى جنب آلهتهم البربرية وما أخذوه عن الفينيقيين. وهكذا عاشت الديانات الثلاث بين ظهراني البربر متآخية. غير انه لا بد ان يكون- بمقتضى طبيعة البربر- طابع البربرية على الجميع.

بقيت هذه الديانات في ظل التسامح المتبادل بين البربر والرومان حتى ظهرت الديانة المسيحية فتضادت معها، ولم يتسع التسامح الديني الروماني لها فعارضها، لان الاباطرة والعظماء رأوا في انتشار هذه الديانة ما يضعف عظمتهم وينقص من غلوائهم.

في سنة (٣٠٣) أحدث امبراطور رومة قانونا باتخاذ بعض الايام لعبادة الآلهة الرومانية. لا يتخلف أحد عن حضور هذا اليوم المعلوم. ومراد الامبراطور مضادة المسيحية التي تنظره وأحقر انسان في امبراطوريته بعين واحدة. وتراهما في منزلة واحدة، بل تفضله لحقارته وفقره عليه لجلالته وغناه.

قام بتنفيذ هذا القانون والي نوميديا فلريوس، ولم يمتثل له كثير ممن تمكنت المسيحية من قلوبهم فقضى عليهم بالقتل. ولكثرة المقتولين دعى هذا العصر عصر الشهداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>