للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنانة وقريش اذا أهلوا قالوا: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، الا شريكا هو لك، تملكه وما ملك. فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم ويجعلون ملكها بيده. يقول الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (١).

هذه الوثنية التي كان عليها العرب مع اعترافهم بوحدانية الله واقرار بعضهم بالبعث وكونهم يقولون- كما جاء في القرآن-: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} - هذه الوثنية هي التي لم يرضها منهم الاله جل وعلا، وأرسل اليهم رسوله صلى الله عليه وسلم ليمحوها من قلوبهم ويذهب أثرها من بين أعينهم. وفي اسلام كثير منا ما يشبه هذه الوثنية، غير ان الاسلام لما كان أصله محفوظا بحفظ القرآن وضبط الحديث لا يحتاج في تجديده الى نبوة جديدة وانما يحتاج الى احياء أصله والتقاضي اليه والتراضي به حكما.

ولقد كان لهؤلاء العرب ملوك فخام ودول عظام. اشتهر من دولهم ثلاث: دولة التبابعة ودولة المناذرة ودولة الغساسنة. والدولة الاولى أسست في الالف الثاني قبل الميلاد. فان المؤرخين يذكرون منها ملوكا كثيرين قبل بلقيس التي كانت في زمن سليمان عليه السلام ابن داوود عليه السلام. وهي مؤسسة على أنقاض دوله قحطان التي كانت قبل الميلاد بنحو ألفي سنة. فهي أقدمهن عهدا وأكثرهن حضارة وأبقاهن أثرا وأوسعهن ملكا. كان منها بعد بلقيس شمريرعش حوالي المائة الثامنة (ق. م) ودخل أرض فارس. وخرب مدينة الصغد خلف نهر جيجون. وبنى مدينة هنالك سميت باسمه. وهي المعروفة اليوم بسمرقند. وقد وجد في بعض قصورها النهدمة


(١) السيرة ج١ ص ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>