للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قضى في نشر دعوته بمكة ثلاث عشرة سنة قاسى فيها من كبراء قومه وسفهائهم ما لا يحتمله الا من خلقه الله وهيأه لان يكون أفضل الخلق أجمعين. ثم هاجر الى يثرب حيث كان له أنصار. فأقام بها عشر سنوات، أكمل فيها برنامج دعوته، وقضى على معانديه بالسنان بعدما أفحمهم بالحجة والبرهان. فصار العرب يدخلون في دين الله أفواجا حتى لم يبق بجزيرة العرب غير من يدين بالاسلام.

هذا الاسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الدين الجامع للفضائل الباطنية والظاهرية، الدال على طرق السعادتين الدنوية والاخروية. فكان خاتمة الاديان وأداة الكمال لنوع الانسان.

دعا الناس عامة الى الاعتقاد باله واحد. وحرض مجيبيه على التسامح مع أهل بقية الاديان ومعاملتهم بالجميل والاحسان. جاء في سورة الانعام: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} وجاء في سورة الممتحنة: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وقال صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ يَدِهِ وَلِسَانِهِ».

هذا الدين على موافقته للفطرة وفضله على البشرية عمل لتشويهه ومحوه أناس سرا تحت ظله. حتى اذا تم لهم صرف العامة من أهله عن صراطه السوي قام من بعدهم بمحاربته جهرا وصاروا يضعون على حسابه القواعد الفلسفية. واليك كلمة واحدة في هذا الموضوع ننقلها عن سلامة موسى أحد متجردي العصر وملحدي

<<  <  ج: ص:  >  >>