للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشرعوا في تأسيسها. فعمرت واتسعت خطتها وطار في الآفاق صيتها حتى دعيت عراق المغرب وبلغ المغرب الحاقا لها بهما في المعارف والعمران والحضارة.

اختار الرستميون موقعها لكونه بين قبائل اباضية وارضها مملوكة لقوم مستضعفين ليكونوا في مأمن من هجمات المخالفين وراحة من قبيلة المالكين. فهم بضعفهم لا يطمعون في التغلب على الدولة. ولموقعها مزية لديهم أيضا وهو اشرافه على الصحراء اذ كان أغلب القوم رحالا قائمين على المواشي. ففي الصحراء يجدون حاجة ماشيتهم. والرستميون مرتبطون مذهبا بنفوسة طرابلس. وبواسطة الصحراء يمكنهم ادامة الروابط معهم. اختطوا بهذه المدينة المنازل والقصور. وأجروا اليها المياه. قال الادريسي: "وبها مياه متدفقة وعيون جارية تدخل أكثر ديارهم يتصرفون بها".

أصبح عمران تيهرت وعدل ايمتها حديث الرفاق تنقله الى الآفاق. فأمها الناس من كل ناحية. قال ابن الصغير: "واتتهم الوفود والرفاق من كل الامصار واقاصي الاقطار. فقلما ينزل بهم أحد من الغرباء الا استوطن معهم وابتنى بيتا بين أظهرهم لما يراه من رخاء البلد وحسن سيرة امامه وعدله في رعيته وأمانه على نفسه وماله حتى لا ترى دارا الا قيل هذه لفلان الكوفي وهذه لفلان البصري وهذه لفلان القروي وهذا مسجد القرويين ورحبتهم وهذا مسجد البصريين وهذا مسجد الكوفيين. واستعملت السبل الى بلاد السودان وغيرها من البلدان من مشرق ومغرب بالتجارة وصنوف الامتعة. والعمارة زائدة، والناس والتجار من كل الاقطار قابلون".

وقال البكري: "مدينة تيهرت مسورة لها ثلاثة أبواب (١) باب


(١) هكذا بالاصل. وقد سمى اربعة ابواب ثم قال وغيرها. فذكر الثلاثة خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>