للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلوبه.

أما الجنس الذي يكون بالاراضي التي منحتها الطبيعة سلطان الجمال وخلعت عليها ضروب الزينة فأضحت عروسا ترمقها الاعين من كل جانب وهي في عزتها لا تحتفل بأحد- هذا الجنس تجده راضيا عن وطنه مستغنيا بخطه الوافر عن ان يمد عينه الى غيره. فلا يضطره تحصيل رزقه الى دهاء بعيد القعر- عياذا بالله من الافراط- ولا يكتسب الشجاعة الا من مطاردة الحيوانات الوحشية ترويضا لنفسه وتتميما للذته.

ولهذه النظرية شواهد عملية فليست النظرة خيالية بل واقعية. انظر الى الأمة العربية النابتة بتلك الصحاري الموحشة المقفرة لما عرفت كيف تتحد وطعمت لذة الاتحاد بجدها قد ملكت نصف المعمور او جله في أمد لا يكفي غيرها من الامم لافهامهم فائدة الاتحاد.

وهذه الأمة الانكليزية الناشئة بتلك الاراضي الصخرية امتد ملكها في جميع القارات الخمس على أمم كثيرة. وليقس ما لم يقل.

فالاراضي الجدبة أيأست غير سكانها من الطمع فيها ودفعت بأهلها الى مشاركة الغير في خيرات وطنه او تجريده منها.

والاراضي الخصبة الفتت انظار الاجانب عنها اليها وشغلت اهلها عن النظر الى غيرها. وربما علمتهم الكرم ففسحوا لنزيلهم الذي لم يروا منه مكروها كما فسحت أفريقية للفينيقيين. وربما دعتهم الى القناعة فتركوا بعض الاماكن للهاجم عليها من غير ان يستنفدوا قوتهم في الدفاع عنها.

وبديهي ان هذه المساوي للاوطان الخصبة الى جانب محاسنها تنطبق على الوطن الجزائري، فكيف تجد نفسك يا ابن الجزائر إذا انت فكرت تفكيري ووافقتني في بحثي واستنتاجي؟

أتسب وطنك ان جاد عليك بخيراته حتى انغمست في الملاذ وأهملت واجباته؟ ام ترى ذلك عذرا يفسل عنك عار الكسل ويبيح لك الخمول والازواء عن العمل؟ لا- لا تنقص وطنك الكريم فان ذلك من خلق اللئيم؛ ولا ترتد بالكسل وترتض الجمود فانك بذلك تسلم في نصيبك

<<  <  ج: ص:  >  >>