للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

علينا، وتظل تطاردها العتمة. فنحن كلما تعمقنا في دراسته ازداد اتاعا وبعدا. فقد عاش في لحظات حرجة من تاريخ الجزائر وتاريخ المشرق الإسلامي، وهو النصف الأول من القرن الثالث عشر (١٩ م). وها قد رأيناه يتنقل بين أجزاء هذا العالم الإسلامي (المريض) يحاول إيجاد الدواء كما يتنقل الطبيب بين مرضاه.

فكان تارة في الجزائر وتارة في مصر، تارة في المغرب الأقصى، وأخرى في إسطانبول، ومرة الحجاز، وأخرى في تونس. فكان ينصح الحكام فينتصح له البعض ويشيح عنه آخرون، حتى إذا أدركهم الغرق (مثل حسين باشا) استنجدوا به وولوه قيادة جيش مهزوم وأعطوه سيفا مفلولا ليحارب به أقوى جيش في العالم عندئذ. يا للسخرية برجال الفكر والدين وبمصائر الشعوب!

ترى من من العلماء المسلمين عندئذ جاهد بقلمه ولسانه وسيفه جهاد ابن العنابي؟ إننا لن نجيب على هذا السؤال، وحسبك أيها القارىء أن تستعرض أسماء المصلحين من علماء المسلمين لتعرف أن ادعاءنا الريادة لابن العنابي ليس محض خيال.

<<  <   >  >>