للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يبيض عمله. وعلى كل حال فقد أشار إليه بأنه يقع في (ورقة صغيرة) (٣١) ولو ذكره لعرفنا منه فحوى الكتاب وأسلوب كاتبه. ومهما يكن الأمر فإن هذا الخبر يشير إلى منزلة ابن العنابي لدى الداي، ولولا ذلك لا ستكتب الداي كتابه الرسميين (أو الخوجات) لنفس الغرض إذ المعروف أن قاضي الحنفية (أو القاضي عامة) لا يقوم بهذه المهمة.

ونعرف من مصدر آخر أن ابن العنابي كان ضمن العلماء في المنازعة التي وقعت بينهم وجعلت الباشا يتدخل في الموضوع. فقد جاء في (التشريفات) ص ٧٧ أن مناقشة حادة جرت بين العلماء في المجلس الشرعي الذي كان يجتمع كل يوم خميس بحضور الباشا أو ممثله. ولما علم الباشا بما حدث (ونحن لا نعرف موضوع الخلاف) قرر عزل المفتي الحنفي، وهو محمد بن العنابي وتعويضه بالشيخ أحمد بن إبراهيم بن أحمد، كما قرر عزل المفتي المالكي، وهو علي بن الأمين وتعويضه بالشيخ محمد بن الحفاف. وكان ذلك يوم الجمعة الموافق أول شعبان ١٢٢٦ (٢٣/ ٨/ ١٨١١).

ويختفي اسم ابن العنابي فترة من الوظائف الرسمية، فلا يظهر من جديد إلا في عهد الداي عمر باشا (١٢٣٠ هـ - ١٨١٤ م) (١٢٣٢ هـ - ١٨١٦ م). فقد وجد اسمه عندئذ هكذا (محمد بن محمود) ضمن قائمة وزراء وأعيان الباشا المذكور، متقلدا وظيفة (نقيب أشراف مكة والمدينة) واضعا أمام ذلك ختمه الذي يحمل تاريخه (٣٢).


(٣١) مذكرات، ص ٩٧.
(٣٢) عبد الجليل التميمي (بحوث ووثائق في التاريخ المغربي) تونس، ١٩٧٢، ص ٢٥٥ ولم يستطع التميمي قراءة تاريخ الختم، ونرجح أن يكون سنة ١٢٣٢ لوجوده في مكان آخر كذلك. ويذكر أحمد توفيق المدني في (مذكرات) الزهار ص ١٢٨ أن ابن العنابي قد تولى القضاء الحنفي لنفس الباشا، وكان آخر قضاته قبل وفاته. أما التميمي فيذكر ص ٢٥٥ أن القاضي الحنفي كان يدعى سليمان بن محمد وأن المفتي الحنفي كان يدعى محمد بن أحمد. ولعل قصر مدة التولية لهؤلاء هو الذي سبب هذا الغموض.

<<  <   >  >>