للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما كلف الداي أحمد باشا ابن العنابي بالكتابة لباي تونس كلفه الداي عمر باشا بسفارة للمغرب الأقصى لدى السلطان المولى سليمان. ذلك أن الجزائر قد تعرضت إلى قصف الأسطول الإنكليزي سنة ١٨١٦ م (٣٣) وقد أدى ذلك إلى هلاك معظم الأسطول الجزائري، فأرسل الباشا سفراء عنه إلى السلطان محمود الثاني والسلطان سليمان ويوسف باشا باي طرابلس يستعينهم على إعادة بناء الأسطول بنجدته بالسفن والأموال. والذي يهمنا من هذه المحادثة هو أن الباشا كتب إلى السلطان سليمان كتابا بعث به مع (السيد الحاج محمد العنابي، قاضي السادة الحنفية رسولا) - وقد ذهب ابن العنابي شخصيا إلى المغرب وسلم مكتوب الباشا إلى السلطان، (وبعد أن استراح التقى مع السلطان فأحسن إليه)، وجهزه ببعض المراكب (وأعطاه أموالا وأمره بتسليمها للمجاهدين). وعاد ابن العنابي بذلك إلى الجزائر، فكانت سفارته ناجحة، على الأقل إذا حكمنا من نتائجها (٣٤).

وهكذا يتضح أن ابن العنابي لم يكن مجرد عالم بالفقه وما إليه من العلوم الشرعية بل كان أيضا دبلوماسيا ناجحا وخبيرا بشؤون الدول. ولعل سفارته إلى المغرب لم تكن أول خروج له من الجزائر فقد استعملت عبارة (الحاج) مع اسمه قبل ذلك. ومعنى هذا أنه قد يكون حج خلال سنوات ١٨٠٨ - ١٨١٥ م (*).


(٣٣) هي حملة اللورد اكسموث الشهيرة، وقد فصلها قنصل بريطانيا في الجزائر الضابط بليفير في كتابه (جلادة المسيحية) لندن ١٨٨٤، ص ٢٥٠ - ٢٨٠. انظر كذلك عبد الجليل التميمي وثائق تركية غير منشورة عن ضرب مدينة الجزائر سنة ١٨١٦ في (مجلة الغرب الإسلامي والبحر الأبيض) رقم ٥، سنة ١٩٦٨ ص ١١١ - ١٣٣.
(٣٤) مذكرات، ص ١٢٧. ويذكر هذا الكتاب أن عهد عمر باشا كان نكبة على البلاد، فقد حل بها الجراد والوباء وغلاء المعيشة. وحملة الإنكليز، وموت القبطان (الريس) حميدو في معركة ضد الأسطول الأمريكي، وبالإضافة إلى أن هذا الباشا كان سفاكا للدماء. وعن سفارة ابن العنابي إلى المغرب انظر أيضا ديفوكس (التشريفات)، ص ٧٨، وقد كانت السفارة سنة ١٨١٧ (١٢٣٢).
(*) انظر المدخل الجديد لهذه الطبعة.

<<  <   >  >>