للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهناك مراسلات أخرى أدبية جرت بينه وبين بعض الأدباء. من ذلك أن إحدى الوثائق تتحدث عن أن ابن العنابي كتب كتابا ضمنه السلام على آل بيرم، وجعل في هذا الكتاب أبياتا نصها:

بني بيرم زان البسيطة ذكرهم ... فما لهم في المشرقين نظير

هم أحرزوا فضل المعارف والتقى ... ولا سيما صدر إليه أشير

جميل المحيا زاهر الوجه حجة ... يبين الهدى للمهتدي وينير

فبلغهم أسنى السلام وخصه ... فإني على نهج الوداد أسير

غير أننا لم نعثر على الكتاب المذكور لأن ناقل النص اكتفى بالأبيات فقط ولو نقل النص النثري أيضا لعرفنا منه لونا آخر (غير الفقه ونحوه) من كتابات ابن العنابي. ومن الواضح أن الأبيات المذكورة تنوه بآل بيرم عامة وتخص أحدهم دون الإفصاح عنه، ولعله هو محمد بيرم الرابع الذي تراسل معه في مناسبات أخرى، كما سنرى، وكان كلاهما يردد عبارات الوداد، والوفاء ونحوهما، مما يدل على رسوخ الصداقة بينهما. ومهما كان الأمر فإن محمد بيرم الرابع قد رد على الكتاب بكتاب مثله وعلى الأبيات بأبيات مثلها في القافية والروي، وهي تبرهن على رأي محمد بيرم في صديقه ابن العنابي، وهي:

همام له حول الساطين منزل ... إمام بتحقيق العلوم خبير

به كسى الإسلام حلة مجده ... وأضحى له فخر به وسرور

إذا حوم الظمآن حول علومه ... يصادفه ماء هناك نمير

ولو قيل من حاز العلوم بأسرها ... إليه جميع العالمين تشير (٧٤)

وهذه شهادة من أحد العلماء البارزين، وهي تصدق على رأي الآخرين في ابن العنابي، ويكاد الجميع يصفه بهذه الأوصاف التي ذكرها محمد بيرم. ويبدو أن المراسلات قد استمرت بين الرجلين حتى بعد غربة ابن العنابي


(٧٤) انظر مخطوط رقم ١٨٦٥٥ (تونس) ضمن مجموع.

<<  <   >  >>