للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المكيدة للإسلام وأهله، وسعيا في استباحة حماه وتمزيق شمله. عظم الخطب (١٢)، فدعت ضرورة الحال إلى استعلام ذلك من قبلهم، والتدرب على ما ألفوا من صنائعهم وحيلهم). وقد أشار ابن العنابي إلى أن الدولة العثمانية قد أخذت بهذا النظام الجديد، وهذا يدل على أن تأليفه كان قريب عهد بحادثة الإنكشارية. كما لمح إلى أن هذا النظام لم يكن مقبولا لدى الجميع، وأن هناك معارضة له من بعض رجال الدين وبعض الجنود المتمسكين بالنظام القديم، وحتى من بعض المتزمتين من شرائح المجتمع الأخرى. فقد قال في هذا المعنى (فرتبت العساكر الإسلامية على نحو من ذلك نظاما جديدا، وصدر به من جانب السلطة العليا، أدام الله تأييدها، وضيقت ملابس الجند، واختصرت، وفتنت ألوانها وقصرت، فاستكره ذلك أناس ..) (١٣).

أما الدافع الذي حمل ابن العنابي على وضع هذا الكتاب فالظاهر أنه إجابة أحد السائلين المستزيدين من آرائه في الموضوع. ذلك أن موضوع تجديد الجيش والأخذ بأسباب الحضارة. أو إذا شئت الخصام بين أنصار التقليد والتجديد، كان على أشده خلال عقد العشرينات، وكان حديث المجالس، ومدار الدروس، ولعله كان أيضا مصدر الهمس والنكتة. ومن ذلك ما جرى في أحد المجالس التي حضرها ابن العنابي في القاهرة وقد نطق أثناء ذلك بكلام جعل بعضهم يرسل إليه، بعد افتراق المجلس، طالبا منه كتابة رسالة في الموضوع. وهذا نص كلامه في عبارات مسجعة ثقيلة (وقد جرى بيني وبين أفاضل الإخوان، في مجمع أنس جاد به الزمان، كلام علق منه بباله، فوجه إلي خطابه بكتابة جواب على منواله، فلزمني أن أسعفه بما رام، وأزيده بسطا يناسب المقام، فأقول في جوابه، متلذذا بتجديد خطابه) (١٤).

ولكن هذا دافع تقليدي لتأليف الكتاب، فالمؤلفون كثيرا ما يخلقون


(١٢) هنا كلمات غير مقروءة على الميكروفيلم.
(١٣) السعي المحمود، المقدمة.
(١٤) نفس المصدر.

<<  <   >  >>