للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(كالشريعة المنسوخة) يعبر عن صورة في نفسه من جهة وعن ثقافته الدينية من جهة أخرى. فالمؤلف يجمع في هذا النص بين الدعوة إلى الأخذ بأسباب الحضارة الأروبية، والحث على التفوق واليقظة والاجتهاد، والعتاب على التمسك بالأمور البالية التي تخالف الشريعة والرجولة معا.

ولكي يقنع المتزمتين من قومه، المدعين في بقائهم على ما هم عليه بالتمسك بالدين، قال ابن العنابي إن ما تقدم من كلامه يدل على إعجاز القرآن وأنه تعالى ما فرط في الكتاب من شيء. ذلك أن كل ما جاء به من أفكار حول أسباب القوة والتفرق له (شواهد. من الكتاب والسنة). وعلى هذا الأساس بنى كتابه، لأنه، كما لاحظنا، يطرح الفكرة ثم يحشد لها من الشواهد القرآنية والأحاديث النبوية ما تصير معه مقنعة، في نظره، للمتزمتين والمترددين من قضية التجديد وتقليد الأجانب والتعلم منهم.

...

وطريقة ابن العنابي في الفصول التي ذكرناها بسيطة وواضحة. فهو يبدأ بتعريف الفكرة التي حملها عنوان الفصل، ثم يروي لنا ما جادت به حافظته ونقوله من الشواهد والأمثال، وحتى الأشعار أحيانا، ومن المواقف والتجارب السابقة للنبي (ص) والصحابة والخلفاء والقواد الكبار. وإذا أراد هو أن يتدخل في الموضوع برأي فإنه بستعمل له عبارة (قلت كذا) أو (قلت وهو الأوجه عندي) ترجيحا لرأي دون آخر. وهو ينقل كثيرا عن المؤلفين السابقين حول الموضوع كالطبراني والطرطوشي والغزالي. وينقل أيضا عن جده الأعلى كما سبق أن أشرنا، وعن ابن عبد الحكم والوزير السراج (صاحب الحلل السندسية في الأخبار التونسية)، وحسين خوجة (صاحب بشائر أهل الإيمان بفتوحات آل عثمان)، وغيرهم.

فقد عرف تجنيد الجند (١٧) بأنه جمع الأعوان والأنصار لحماية الإسلام


(١٧) نفس المصدر، الفصل الأول.

<<  <   >  >>