للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلماء ورجال الدين قد ضعفت لدى الدايات في العهد الأخير من حكمهم، وأصبح هؤلاء يتصرفون بأمرهم ولا يعودون إلى العلماء إلا في الاحتفالات والمظاهر الشكلية. ولعل جرأة ابن العنابي أوائل الاحتلال الفرنسي لبلاده واستعداده لتجنيد الجند وتنظيم البلاد، حسبما تزعم المصادر الفرنسية، ينسجم مع آرائه في الكتاب أكثر مما ينسجم مع موقفه، كمفتي، زمن حسين باشا (*).

ومهما وجه إلى كتاب ابن العنابي من نقد فإنه يظل حلقة هامة في التراث الفكري الجزائري وفي تاريخ الفكر التقدمي لدى العرب والمسلمين، فهو من أوائل الكتب التي طرحت مفهوم التجديد على مستوى الدولة الإسلامية، ونادى صاحبه بعدم الانغلاق أمام الحضارات المعاصرة، ودعا إلى تحديث الجيش، واتباع العدل، والشورى، وتوفير المال، والتمسك بالأخلاق الكريمة، باعتبار كل ذلك أساسا لقوة وكرامة الأمة الإسلامية.

من غريب الصدف أن قضية التجديد التي طرحها ابن العنابي منذ قرن ونصف ما زالت لم تجد حلها إلى اليوم، ولعل فيما أورده من براهين دينية وتاريخية جوابا مفحما للذين ما زالوا منا غير مقتنعين بهذه القضية.


(*) انظر المدخل الجديد لهذه الطبعة.

<<  <   >  >>