للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} فمتى فعل ذلك فقد أتى بواجب عليه فصار خارجا من العهدة).

وفي جوابه على السؤال الثاني أكد ابن العنابي بأن القدماء لم يتعرضوا لمشكلة الصيد بالرش والرصاص لأن (الرمي البارودي مما حدث بعد المائة السابعة فلا ذكر لأحكام الصيد المصاب في كتب الأقدمين). كما أن المتأخرين لم يتعرضوا له (٤)، وقد استعرض ما جاء في كتب (أصحابنا) عن الرمي بالبندقة والحجر والمعارض، مؤكدين أن صيدها غير حلال لأنها تقتل بالرمي والكسر ونحوهما ولا تجرح فيكون الميت بها (في حكم الموقوذة) وبناء على ابن العنابي فإن نتيجة هذا الصيد لا تنطبق على صيد (بنادق الرصاص ورشه المرمية بنار البارود) لأن الرمية بها تنفذ نفاذا أقوى من نفاذ السهام (كما يعرفه كل من تعاطى الرماية البارودية) وقد انتهى إلى تلخيص رأيه في الموضوع وهو أن كل رماية نافذة قاتلة بجرح لا بكسر أو رض يعتبر صيدها حلالا وهذا نص عبارته (فالذي يتعين أن يقال به في مرميه (الرمي البارودي) إنه متى تحقق جرحه وسيلان دمه بحيث يغلب على الظن أن موته من الجرح لا من رض أو كسر فإنه يحل أكله). وبعد أن استشهد لرأيه بنقول كثيرة من (أيمة المذهب) والأحاديث حكم بأن الرصاص والرش أقوى وسائل الصيد سيلانا للدم (كما هو معلوم بالمشاهدة الفاشية) لذلك فإن صيدهما حلال. وكان هذا هو المعلوم به حسب رأيه لدى علماء الحنفية بالجزائر.

ويتبين من هذا الجواب أن ابن العنابي يستعمل القياس وأنه لا يتردد في البحث عن أقوال الأقدمين والمتأخرين فيما عرض لهم، فإن وجده أخذ به أو ناقشه وإلا اعتمد على التجربة (والمشاهدة الفاشية) وهذا الموقف يجعله يسير


(٤) علق الشيخ محمد بيرم على قول ابن العنابي انه لم ير من تعرض للمسألة من المتأخرين فقال انه اطليع على من علق على إجابة ابن العنابي كاتبا أن هذه المسألة قد (عرج عليها من المتأخرين صاحب البحر وصاحب المنح واتفقا فيها على عدم الحل) وأورد محمد بيرم نص ذلك. انظر الورقة ٧٥ من الأجوبة

<<  <   >  >>