للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبجاية يعينون من قبل الأمير الحفصي. ومن ثمة فوجهة الإقليم كانت عندئذ نحو تونس، على الأقل من الناحية السياسية. فكل ما يحدث في نظام الحكم بتونس من تغيير أو انقلاب أو تدخل خارجي ينعكس على إقليم قسنطينة أيضا. وقد عرف النظام الحفصي (وكذلك النظام الزياني بتلمسان والنظام المريني بفاس) في فاتح القرن مراحل من الضعف والتهالك جعلته مطمع المتمردين من الداخل والغزاة من الخارج، ونعني بالخارج هنا الجانب العثماني والجانب الإسباني معا، بالإضافة إلى أطماع الدويلات الإيطالية المجاورة. وكان الوقود المحرك لهذا التدخل أو ذلك هم أهل الأندلس الذين لم يجدوا من أمراء المغرب القوة اللازمة لإنقادهم من الإسبان فراحوا يستنجدون بالدولة العثمانية الإسلامية الصاعدة. ونحن نعلم أن هذا الصراع المتعدد الأطراف قد انتهى بفرض الحكم العثماني في الجزائر وطرابلس ومصر وتونس في وقت واحد تقريبا. وكان على بقية النظم، ومنها النظام الحفصي، أن تنهار أمام قوة العثمانيين الجديدة.

دخل العثمانيون تونس وأبعدوا الأمير الحفصي، الذي كان قد تعاون مع الإسبان في سبيل الإبقاء على سلطته. وقد أصبح إقليم قسنطينة في وقت من الأوقات منطقة نفوذ لعدة أطراف: السلطات المحلية، بما فيها شيوخ القبائل، التي شعرت بتراخي قبضة السلطان الحفصي فتصرفت كما لو كانت بدون سلطان، والقوات الإسبانية التي عادت إلى تونس وطردت العثمانيين ومدت عينيها إلى إقليم قسنطينة فعينت لها حاكما على عنابة. والعثمانيون الذين كانوا مستقرين بالجرائر ويريدون أن يجعلوا من إقليم

<<  <   >  >>