للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى آخره، وقال في الحكم: إذا رأيت عبدا أقامه الله بوجود الأوراد، وأدامه عليها مع طول الإمداد، فلا تستحقرن ما منحه الله، لأنك لم تر عليه سيما العارفين ولا بهجة المحبين، فلولا وارد ما كان ورد.

قلت: بل لولا وارد ما كان انتساب ولو كان صاحبه كاذبا، لأن وجود انتسابه شاهد لتعظيمه للجناب الذي انتسب إليه في نظره، ولذلك ما تعرض أحد قط لمنتسب لله بهوى إلا أصابه منه ضرر، (لأن الحق سبحانه يغار لهتك جنابه، إلا بأمر منه فإذا وقع المنتسب) (١) في أمر فيه حق من حقوق الله أقيم عليه الحد، وحفظت حرمته في نسبته، لحديث: "لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله" (٢) الحديث، وقد ورد في الخبر: "خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر، سوء الظن بالله، وسوء الظن بعباد الله؛ وخصلتان ليس فوقهما شيء من الخير، حسن الظن بالله، وحسن الظن بعباد الله" (٣) ومما أنشد بعض المجاذيب في حكاية ذكرت عنه، وقد كان خاملا فيما قبلها، فاشتهر لذلك:

ستبدو لك الأسرار بعد اكتتامها ... كأن الذي قد صانها عنك يخبر


(١) لا يوجد في: ت ١.
(٢) خرجه البخاري من حديث عمر بن الخطاب (ض) أن رجلا على عهد النبي (ص) كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارا، وكان يضحك رسول الله (ص) وكان النبي (ص) قد جلده في الشراب، فأتي به يوما، فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي (ص): "لا تلعنوه، فوالله ما علمت أنه يحب الله ورسوله"، والمعنى: ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله، قال الحافظ في الفتح: ووقع في رواية معمر والوافدي: فإنه يحب الله ورسوله، البخاري مع فتح الباري ١٥/ ٨٣.
(٣) في الفردوس رقم ٢٩٨٨ بلفظ: "خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر: الشرك بالله والضر بعباده"، قال المحقق: الحديث في المخطوطة الأخرى بلفظ: "خصلتان ليس فوقهما شيء من الخير: الإيمان بالله والنفع لعباده، وخصلتان ليس فوقهما شيء من الشر ... إلخ"، قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء ٢/ ٢٠٨: الحديث ذكره صاحب الفردوس من حديث علي، ولم يسنده ولده في مسنده.

<<  <   >  >>