للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصل صاحبه للحق إلا من حيث استشعار الاستهلاك (١) فيه، ولذلك قال بعض المشايخ في حق بعض من تقدمه منهم: لو أدرك أحدا من صبياننا لأسلم على يديه (٢).

وقال الحسين (٣) بن المنصور: لما بلغه شأن الخواص وانقطاعه لتحقيق التوكل: أين هو من الفناء في الله، وقال الواسطي لأصحاب أبي عثمان رحمه الله - لما قالوا له: يأمرنا بالعمل ورؤية التقصير فيه -: أمركم بالمجوسية المحضة، هلا أمركم بالغيبة عنها بشهود منشيها ومجريها، أو كما قال، وتكلم عليه الإمام القشيري في ذلك كلاما حسنا، فانظره، وبالله التوفيق.

...

٥٩ - فصل

في بيان طريقة أهل اليمن وما ظهر منها وما كمن

والنفوس عندهم أراضي لا يصلح حرثها إلا بسابقة مطر هو التوفيق، فمن وجد عندهم منه نكثة ولو في بساط الظلمات اعتبروه، ومن لا أهملوه، فأي نفس رأوها قابلة للحرث حرثوا فيها ما تقبله بحسب قواها، فهم يربون العالم بالعلم، والعابد بالعمل، والمريد بالذكر، والصادق الساذج بالهمة، لا يخرجون أحدا عما أهلته له الحكمة الإلهية، بل يعينونه فيه، ويجعلون سلوكه منه ليكون أعون له على ما يريده، فإن من سار إلى الله بطبعه، كان الوصول أقرب إليه من طبعه، ومن سار إلى الله بالخروج عن طبعه، كان وصوله على قدر بعده من طبعه.


(١) في ت ١: (إلا عند رمق، فلا يلتذ بمشاهدة الحق إلا من حيث استشعار الاستهلاك ... إلخ).
(٢) أي: لانقاد له، من الاستسلام وهو الانقياد، وهو من قول الجنيد في أبي يزيد كما في لطائف المنن ص ١١٩.
(٣) الحسين بن منصور الفارسي الحلاج أبو عبد الله المقتول على الزندقة، قال الحافظ ابن حجر: الناس مختلفون فيه، وأكثرهم على أنه زنديق، لسان الميزان ٢/ ٣١٤ وطبقات الصوفية ٣٠٧. في ت ٢: الحسن.

<<  <   >  >>