للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقريب لمن يفهم المقصود، ولو بالنقيض، فيبقى عليه حفظ حرمة الربوبية والنبوءة في التوقيعات، فيقول: قد عرف ذلك من أصل مذهبنا، والألفاظ مؤديات، وقد أدت أعظم مما يبدي المنكر من التعظيم لأهله، كما أشار إليه ابن الفارض بقوله:

وعني بالتلويح يفهم ذائق ... وغنى عن التصريح للمتعنت

فيجاب عن ذلك: بأن التوقير واجب ظاهرا كوجوبه باطنا، وغلبة الحال لا يتعرض لها بغير نفي الاقتداء، فلا يجوز لأحد أن ينقل كلامهم ولو فهمه، إلا على وجه لا يصح فيه نقد، لاتساع نظر الناس اليوم في الطريق، وتداولها الجاهل والعالم وأسراع النفوس لاعتقاد ظاهرها، أو أن من ينقلها معتقد ذلك، وكل من أولع بذلك وجعله هجيراه، فالفلاح منه بعيد، وقد سئل شيخنا أبو عبد الله محمد بن القاسم القوري (ض)، عن ابن العربي الحاتمي فقال: أعرف بكل فن من أهل كل فن، فقيل له: ما سألناك عن هذا، قال: اختلف فيه من الكفر إلى القطبانية، قيل له: فما ترجح، قال: التسليم (١).

قلت: وذلك لأن ظهوره بترجيحه ربما أغرى الضعفاء على اتباعه، والاغتناء به فهلكوا فيه، والتعرض للتكفير خطر من حيث إخراج مسلم بشبهة، وقد قال الشيخ أبو بكر بن فورك (٢) (ض): الغلط في إدخال ألف


(١) انظر قواعد التصوف للمؤلف ص ٥٢، قال المؤلف في أحد شروحه على الحكم: قلت لشيخنا أبي العباس الحضرمي: إنهم ينكرون على ابن عربي الحاتمي، فقال: والله إنه يستحق الإنكار، لكن ممن أعلى منه، لا ممن هو في السنادس، ذكره الكتاني في فهرس الفهارس ١/ ٣١٧، وذكر من مؤلفات ابن عربي المصباح في الجمع بين الصحاح، واختصار صحيح البخاري، واختصار صحيح مسلم، واختصار جامع الترمذي، واختصار المحلى لابن حزم، وله التفسير في ٦٤ مجلدا، وصل فيه إلى سورة الكهف، وأما التفسير المطبوع في مجلدين المنسوب إليه فليس له.
(٢) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني، أصولي أديب (ت ٤٠٦) معجم المؤلفين ٩/ ٢٠٨.

<<  <   >  >>