للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بآثار رسول الله (ص)، فمن قائل بمنع ذلك، لأنه لم يعمل به السلف، ومن قائل بجوازه، لأنه مما ثبت العمل به في حقه (ص)، ولم يأت عنه نهي فيه، والأصل التأسي حتى يأتي المخصص، وقد صح أن عمر (ض) استسقى بالعباس (١) وقال أكثر العلماء باستحباب التحنيك (٢) في الصبي، وقال (ص) للمرأة التي سألت عن القبلة (٣): ((ألا أخبرتيها أني أفعله)) (٤) فجعل فعله دليلا في باب الرخصة، كباب العزيمة، وهو نص ما ورد في حديث: ((إن أعلمكم بالله وأتقاكم أنا)) (٥) وقد يجاب عن عدم عمل السلف بذلك باكتفائهم برؤيته (ص)، وحسما للذريعة في دعوى النبوة، لتزلزل إيمان المنافقين، ولئلا يفتح لهم باب الدعوى في


= في هذا الحديث فوائد، ((... منها التبرك بآثار الصالحين وريقهم، وكل شيء منهم))، ومن الأحاديث التي استدل بها العلماء على مشروعية التبرك بآثار الصالحين حديث يزيد بن الأسود أنه صلى مع النبي (ص) الصبح في حجة الوداع، قال: ((... ثم ثار الناس يأخذون بيده يمسحون بها وجوههم، قال: فأخذت بيده فمسحت بها وجهي ...))، خرجه أحمد في المسند ٤/ ١٦١، قال في الفتح الرباني ٥/ ٣٣٨: صححه ابن السكن، وانظر تعليق الشيخ أحمد شاكر على الحديث في الترمذي ١/ ٤٢٥، قال الشوكاني في نيل الأوطار: في الحديث مشروعية التبرك بملامسة أهل الفضل، لتقرير النبي (ص) يزيد على ذلك.
(١) استسقاء عمر بالعباس (ص) في البخاري، انظر البخاري مع فتح الباري ٣/ ١٥٠.
(٢) قال النووي: اتفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر، وهو سنة بالإجماع، فإن تعذر فما في معناه من الحلو، فيمضغ المحنك التمر حتى تصير مائعة، بحيث تبلع، ثم يفتح فم المولود ويضعها فيه، ويستحب أن يكون المحنك من الصالحين، وممن يتبرك به، رجلا كان أو امرأة، فإن لم يكن حاضرا عند المولود حمل إليه، شرح صحيح مسلم ١٤/ ١٢٢ و١٢٣.
(٣) تصحفت في خ وت ١ إلى العلة.
(٤) اللفظ لمالك في الموطأ ١/ ٢٩١، وهو مرسل، وفي صحيح مسلم ٢/ ٧٧٨ أن السائل لرسول الله (ص) عمر بن أبي سلمة، وليس المرأة، ومما جاء في معنى هذا الحديث من التأسي بأفعاله (ص) ما جاء في صحيح مسلم ١/ ٢٧٢ أن رجلا سأل رسول الله (ص) عن الرجل يجامع أهله، ثم يكسل هل عليهما غسل؟ وعائشة جالسة، فقال رسول الله (ص): ((إني لأفعل ذلك أنا وهذه، ثم نغتسل)).
(٥) البخاري مع فتح الباري ١/ ٧٨.

<<  <   >  >>