للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واجتمعت مع شيخ يدعى فيهم، شيخ الشيوخ (باربيك) (١) هكذا قال لي بنفسه، ورأيته يعطي النصف من نفسه للمتكلم معه (ض)، يزعم أن ليس في المغرب من يعرف الطريق إلى الله ولا يتعرفه، فأراد وليك أن لا يشافهه بخطاب ولا يتعرض إليه، ثم رأى ذلك قاصمة الظهر، وقارعة الدهر، فأبدينا له يسيرا مما وهبنا الله من الأسرار، ثم أعقبناه ببعض أحوال سيدنا أبي مدين خلاصة الأنوار، فبقي مبهوتا بما سمع، وقال: ما تخيلت أن يكون هذا في بلاد المغرب، ثم ألقى عليه بعض أصحابنا مسألة من الحقائق الإلهية المتوجهة على إيجاد جهنم، فوالله ما زاد على أن قال: لا أدري شيئا، وأنصف من نفسه، واعترف بنقصه، وهدأت شقاشقه، وطفيت بوارقه، فقلت: هذا حالك معي، وأنا أنقص حظا، وأحقر قدرا من أن أذكر فيهم، أو أنسب إليهم، فكيف بك، لو لاحظت الكبراء النجباء، والسادة النبلاء الكائنيين بالمغرب الغرباء، فسلم واستسلم، وحمدت الله على ما ألهم وعلم.

...

٩٧ - فصل

ثم قال بعد ذلك: وأما أهل السماع والوجد في هذه البلاد، فقد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا، لا تسمع إلا من يقول لك: رأيت الحق، وقال لي، وفعل وصنع، ثم تطلبه بحقيقة يمنحها، أو سر أفاده في شطحه، فلا تجد إلا لذة نفسانية، وشهوة شيطانا، يصرخ على لسانه الشيطان فيصعق ما دام المغرور الآخر بشعره ينعق، فلا أشبههم إلا براعي غنم ينعق بغنمه فتقبل وئتدبر بنعيقه، ولا تدري فيما ذا، ولا لماذا، قال: فواجب على كل محقق في هذا الزمان، ممن ينظر ويقتدي به المريد الضعيف، أن لا يقول بالسماع أصلا، وأن يقطعه قولا فصلا، وقد أوضحنا مقامه لأهل هذه البلاد، وما يتطرق إليه من الفساد، واحتجوا علينا بأحوال من سمع من الشيوخ في الرسالة (٢) وغيرها، فأوضحنا


(١) لا يوجد في ت ٢.
(٢) الرسالة القشيرية، انظر الرسائل القشيرية ص ٥٠.

<<  <   >  >>