للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإحداثها حرام (١) لأنه افتيات على الشارع، وتقدم بين يديه، وتغيير لأحكامه مع وجود شبهة منه، (ثم من شؤم البدعة وشأنها لا تزال تتسع حتى تصل إلى محرمات، فضلا عن محرم واحد) (٢).

ثم من خواص البدعة ثلاثة:

أحدها: أنها لا توجد غالبا إلا مقرونة بمحرم صريح، أو آيلة إليه، أو يكون تابعا لها، ومن تأمل ذلك وجده في كل أمر قيل: إنه بدعة، لا ينخر م بحال، كما ننبه على بعضه إن شاء الله تعالى.

الثاني: أنها لا توجد غالبا إلا في الأمور المستغربة، غير المألوفة في الدين، وفي الكيفيات من المندوبات وتوابع الأعمال، وما تميل إليه النفوس وتستحسنه، كالذكر والتلاوة والصلاة والصوم، بما يدخلون عليها من الكيفيات ونحوها والسلوك والتربية ونحو ذلك فتأمله.

الثالث: أنها لا توجد غالبا إلا مسندة لوجه من الشريعة، أو معنى من الحقيقة يلتبس على قليل العلم، فيتحير أو يسلم، ويتروج على الجاهل فيظنه دينا قيما من حيث لا يعلم، وما غره بذلك إلا شبهة الأصل وتسليم من يعتقد فيه العلم والفضل، ولكن لكل شيء ميزان، يظهر به الحق من الباطل، يعرفه العالم، وينفيه الجاهل، فيكون ضالا بفعله، مضلا بدعوى الخلق إليه، غير معذور في أمره، لعدم تبصره، إذ الدين مبني على التبصر، وبالله التوفيق.

...


(١) ومن العلماء من يرى أن البدع لا تكون مكروهة، بل كلها كبائر من الذنوب، لأنها تشريع في دين الله تعالى بالزيادة أو النقص، وذلك طعن في الشريعة، فإذا لم يكن فاعل ذلك كافرا لتأوله، فلا أقل من أن يكون فعله كبيرة من الكبائر، انظر الفروق وتهذيب الفروق ٤/ ٢٢٤.
(٢) في ق فقط.

<<  <   >  >>