للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الذهبي: القدوة شيخ الزهاد أبو محمد جعفر بن محمد بن الحسين الأبهري ثم الهمذاني، قال شيرويه: كان وحيد عصره في علم المعرفة والطريقة بعيد الإشارة دقيق النظر، وقال -يعني الذهبي-: قال شيرويه: ارتحل وعنى بالرواية وكان ثقة عارفا له شأن وخطر وكرامات ظاهرة، مات في شوال سنة ثمان وعشرين وأربعمائة عن ثمان وسبعين سنقى وقال -يعني الذهبي-: قيل: إنه عمل له خلوة فبقي خمسين يوما لا يأكل شيئًا، وقد قلنا: إن هذا الجوع المفرط لا يسوغ، فإذا كان سرد الصيام والوصال قد نهي عنهما فما الظن وقد قال نبينا - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع" (١)، ثم قَلَّ من عمل هذه الخلوات المبتدعة إلا واضطرب وفسد عقله وجف دماغه ورأى مرأى وسمع خطابا لا وجود له في الخارج، فإن كان متمكنا من العلم والإيمان فلعله ينجو بذلك من تزلزل توحيده، وإن كان جاهلا بالسنن وبقواعد الإيمان تزلزل توحيده وطمع فيه الشيطان وادعى الوصال وبقي على مزلة قدم، وربما تزندق وقال: أنا هو، نعوذ بالله من النفس الأمارة ومن الهوى ونسأل الله أن يحفظ علينا إيماننا آمين (٢).

وقال أيضًا: أبو محمد الأبهري ثم الهمذاني الزاهد، قال شيرويه: وحيد عصره في علم المعرفة والطريقة والزهد في الدنيا، حسن الكلام في المعرفة بعيد الإشارة مراعيًا لشرائط المذهب، دقيق في النظر في علوم الحقائق، رحل وطوف، روى عن صالح بن أحمد ... حدثنا عنه: محمد بن عثمان .... وعامة مشايخي بهمذان، وكان ثقة صدوقًا عارفًا له شأن وخطر وآيات وكرامات ظاهرة، وصنف أبو سعد بن زيرك (٣) كتابًا في كراماته ما رأى منه وما سمع مثله (٤).


(١) أخرجه أبو داود (١٥٤٧)، والنسائيُّ (٥٤٦٨)، وابن ماجه (٣٣٥٤) من حديث أبي هريرة.
(٢) سير أعلام النبلاء (١٧/ ٥٧٦، ٥٧٧).
(٣) في التدوين (٢/ ٣٧٩): أبو بكر بن زيرك.
(٤) تاريخ الإسلام (٩/ ٤٣٥، ٤٣٦).

<<  <   >  >>