للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"كنت فيمن خرج مع زيد بن حارثة رضي الله عنه في بعث مؤتة فرافقني مددي من أهل اليمن ليس معه إلا سيفه، فنحر رجل من الجيش جزورًا له فاستوهبه المددي من جلده فوهب له فبسطه في الشمس على أطرافه فلما جف اتخذه كهيئة الدرقة وجعل له مقبضًا. ومضينا حتى لقينا الروم ومعهم من معهم من نصارى العرب فقاتلونا قتالًا شديدًا ومعهم رومي على فرس له أشقر عليه سيف مذهب وسلاحه مذهب فيه الجوهر وسرجه مذهب فجعل يغري بالناس فتلطف المددي فجلس له جانب صخرة فلما مر به ضرب عرقوبي فرسه فقعد على رجليه وخر عنه الرومي وعلاه المددي بالسيف حتى قتله وأخذ سلبه فأتى به خالد بن الوليد فلما فتح الله علينا أعطاه خالد بن الوليد السلب وأمسك منه فقلت يا خالد أما علمت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى .. فقلت: فلم لم تعطه السلب كله؟ قال: استكثرته .. قلت: لتردنه إليه أو لأعرفنكها عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فأبى أن يرد عليه .. قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقصصت عليه قصة المددي وما فعل خالد .. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا خالد .. ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رسول الله .. استكثرته فقال رسول الله: -صلى الله عليه وسلم- يا خالد .. أعطه السلب كله .. فولى خالد ليفعل .. فقلت: كيف رأيت يا خالد ألم أف لك بما قلت لك؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وما ذاك؟ فأخبرته .. قال: يا خالد .. لا تعطه شيئًا .. هل أنتم تاركوا لي أمرائي لكم صفوته وعليهم كدره؟ قالها مرتين أو ثلاثًا" (١)

لأن من حق الفرد مهما كان أن يشتكي أميره عند إمامه وأن يحتج ويبين وجهة نظره وأن ينكر الظلم ويحاول إزالته وهذا ما فعله عوف بن


(١) حديث صحيح مر معنا تخريجه وهو عند مسلم مختصر واللفظ لأبي عوانة ١ - ٤٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>