للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حوله في احتلال الجزء الأكبر من قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- .. توجه عمرو بن العاص نحو النبي -صلى الله عليه وسلم- بقلب يحلم بالكثير الكثير وسأله .. يقول رضي الله عنه: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل .. قال: فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة .. قلت: من الرجال؟ قال: أبوها .. قلت: ثم من؟ قال: عمر .. فعد رجالًا فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم" (١) .. عندها أدرك عمرو فضل السابقين عليه وأدرك أيضًا تثمين النبي -صلى الله عليه وسلم-لقدراته وأن عليه حسب عدالة هذا النبي وإنصافه أن يبذل الكثير للَّحاق بمن سبقوه بإنجازاتهم العظيمة .. وذلك لأن عمْرًا ليس رجلًا عاديًا يقنع باعتناق الإسلام فقط دون أن يكون له دور في حياته الجديدة .. عمرو بن العاص ليس كهذا الرجل الذي جاء "إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل عليّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع .. وذكر له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزكاة .. قال: هل عليّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع، فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص .. قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: أفلح إن صدق" (٢) أما عمرو فيبحث عن دور يخدم به هذا الإسلام ليعوض ذلك الفرق الذي قطعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وبقية المهاجرين والأنصار .. وهو ممّن ينطبق عليه مفهوم الخيرية التي قدمها -صلى الله عليه وسلم- لبعض الصحابة عندما قالوا "للنبي -صلى الله عليه وسلم-: من أكرم الناس؟ قال: أكرمهم أتقاهم .. قالوا: يا نبي الله: ليس عن هذا نسألك .. قال: فأكرم الناس يوسف نبي الله بن نبي الله بن نبي الله بن خليل الله .. قالوا: ليس عن هذا نسألك .. قال: فعن معادن العرب تسألونني .. قالوا: نعم .. قال فخياركم في الجاهلية


(١) حديث صحيح رواه البخاري ٤ - ١٥٨٤.
(٢) حديث صحيح رواه البخاري ١ - ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>