للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحفظ ذلك الكلام وكأنما يقر في صدري .. وكانت العرب تلوم (١) بإسلامهم الفتح .. فيقولون: اتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق .. فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم وبدر أبي قومي بإسلامهم" (٢) أي ذهب قبل قومه للاستفسار عما يجري.

[ماذا عن العباس بن عبد المطلب]

لقد خرج - رضي الله عنه - وقد أخرجه من مكة خوفه على تاريخ قريش ومستقبلها .. ولعله بقي كل هذه المدة يخفي إيمانه للإبقاء على زعامة أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذه القبيلة العظيمة فهو الوحيد الباقي من أبناء عبد المطلب العشرة .. ولا يمكن أن يفرط بتلك الزعامة لعبدة الأصنام من حوله .. فزعامة أبي سفيان لمكة كانت كزعامة أبي جهل زعامة إثارة وعزف على العواطف لا زعامة حكمة ونضج وتروي .. خرج العباس بن عبد المطلب خائفًا على مدينته وقبيلته من تهور تدفع ثمنه غاليًا وغاليًا جدًا .. ها هو العباس يتحدث عن تلك اللحظات التي تحبس الأنفاس وتزهق الأرواح وذلك "لما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمر الظهران قال العباس: واصباح قريش .. والله لئن دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة عنوة قبل أن يستأمنوه إنه لهلاك قريش إلى آخر .. الدهر قال: فجلست على بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيضاء فخرجت عليها حتى جئت الأراك فقلت: لَعَلِّي ألقى بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عليهم عنوة .. فوالله إني لأسير عليها وألتمس ما خرجت له إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء


(١) يعني ينتظرون.
(٢) صحيح البخاري ٤ - ١٥٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>