للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله - صلى الله عليه وسلم - مكة قام في الناس فحمد الله وأثني عليه ثم قال: إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنها لن تحل لأحد كان قبلي وإنها أحلت لي ساعة من نهار وإنها لن تحل لأحد بعدي .. فلا ينفر صيدها ولا يختلى شوكها ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدى وإما أن يقتل فقال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله .. فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا الإذخر .. فقام أبو شاه رجل من أهل اليمن فقال: اكتبوا لي يا رسول الله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اكتبوا لأبي شاه" (١) وهو إذن منه - صلى الله عليه وسلم - لمشروع تدوين أقواله وأفعاله وتقريراته .. حتى لقد تحدث راوية الإِسلام أبو هريرة عن امتثال المأخوذين بالرواية فقال "ما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد أكثر حديثًا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب" (٢)

وسط هذا الاسترخاء الجميل على سواحل الإِسلام وتحت أشعة شمسه الساحرة كان التوتر يسود مناطق قريبة من مكة وبالذات تلك المناطق التي تقطنها قبيلة هوازن الهادئة المسالمة .. والشجاعة أيضًا.

[هوازن متواترة]

فقد أربكتها الإشاعات التي ترددت حول جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - لعشرة آلاف مجاهد وأثارت مخاوفها تلك الحشود .. كانت التخمينات قد ذهبت بهوازن بعيدًا فظنت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقصدها بذلك الجيش الكاسح فاستعدت لنزاله استعدادًا انتحاريًا ولا أدري من الذي وسوس لها وهي القبيلة التي لم يشهد تاريخها أي تصرف يحسب ضدها .. وقد شاركتها هذا الخوف قبيلة


(١) صحيح مسلم ٢ - ٩٨٨.
(٢) صحيح البخاري ١ - ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>