للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تدخل البهجة على النفوس .. أهذه مكة التي كانت قبل أيام بطيئة مملة كئيبة ملوثة الأجواء بالأصنام والطبقية والعنصرية والربا والأحقاد .. لو لم يكن هذا الرجل نبيًا لما تغيرت مكة هذه الطريقة المعجزة ولو بعد آلاف السنوات .. لكن هذه الأجواء الساحرة تظل بشرية بحتة لكنها موجهة بالوحى النقي والعادل .. وما دامت بشرية فلا بد من الزلل والخطأ .. وقد حدث ذلك عندما أقدمت امرأة مخزومية على السرقة فكانت سرقتها رحمة للمسلمين ودرسًا جديدًا للطلقاء.

[الجريمة والواسطة]

حددت المرأة السارقة واعترفت بجريمتها كانت من قريش "كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تقطع يدها" (١) "فأتي بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فعاذت بأم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -" (٢) بعد أن عرفت أن عقوبة السرقة هي قطع اليد .. وانتشر خبر السرقة في مكة واهتز الطلقاء لقطع يد امرأة من أعرق قبائل العرب .. لكن تلك النعرة تفتت أمام العدالة كالجذع المتآكل .. فتوجه أشرف الطلقاء وأرفعهم نسبًا متنازلين إلى شاب يتيم أسود اللون يدعى أسامة بن زيد لكي يتوسط عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإسقاط حد السرقة عن تلك المرأة نظرًا لمكانتها الاجتماعية ولأن في تطبيق الحد عليها مساسًا بتلك المكانة في نظرهم .. تقول "عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن قريشًا أهمهم شأن المرأة التي سرقت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الفتح فقالوا من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. فأتي بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه فيها


(١) صحيح مسلم ٣ - ١٣١٦.
(٢) صحيح مسلم ٣ - ١٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>