للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس هناك شيء أشنع من نزع الرحمة من القلب سوى توهم أن الرجولة تتطامن بتقبيل الأطفال والانحناء لهم وكأنهم نسل بهائم مستقذرة ..

وإذا كان إبراهيم الصغر عليه السلام قد أدخل البهجة على قلب والده وكبده من الشوق الكثير .. حتى تجشم وهو رأس الدولة عناء البحث عنه لتقبيله وضمه مع أن باستطاعته أن يطلب إحضاره متى شاء وأين شاء .. فإنه حزن كثيرًا على ابن ابنته -لعلها- زينب فهو الآن يعاني من مرض شديد .. يقول "أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن ابنة للنبي - صلى الله عليه وسلم - أرسلت إليه وهو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وسعد وأبي .. نحسب أن ابنتي قد حضرت فاشهدنا .. فأرسل إليها السلام ويقول: إن لله ما أخذ وما أعطى وكل شيء عنده مسمى .. فلتحتسب ولتصبر .. فأرسلت تقسم عليه .. فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقمنا فرفع الصبي في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - ونفسه تقعقع .. ففاضت عينا النبي - صلى الله عليه وسلم - .. فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: هذه رحمة وضعها الله في قلوب من شاء من عباده ولا يرحم الله من عباده إلا الرحماء" (١).

وما هذا النبي إلا رحمة مهداة.

كان لا يشغله اهتمامه بشؤون أسرته عن الاهتمام بقضايا أمته ومواصلة رسالته (٢).

ها هو يستدعي أحد القادة الذين برزوا سريعًا وبشكل ملفت: خالد بن الوليد ويطلب منه التوجه نحو منطقة يسكنها بنو جذامة .. وهم حتى


(١) صحيح البخاري ٥ - ٢١٤١.
(٢) سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه أبو داود ٤ - ٩٢ والبيهقيُّ ٤ - ١٤١ حدثني يحيى بن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله عن عائشة رضي الله عنها قالت:

<<  <  ج: ص:  >  >>