للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه .. فقال: لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك .. ولئن أدبرت ليعقرنك الله .. وإني لأراك الذي أريت فيه ما رأيت وهذا ثابت يجيبك عنى ثم انصرف عنه .. قال ابن عباس فسألت عن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنك أرى الذي أريت فيه ما رأيت فأخبرني أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بينا أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب فأهمني شأنهما فأوحي إلى في المنام أن انفخهما فنفختهما فطارا فأولتهما كذابين يخرجان بعدي أحدهما العنسى والآخر مسيلمة" (١) كذاب اليمامة الذي يعود خائبًا محتقنًا من الغيظ إلى بلاده بعد أن حوله النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حاوية للسخرية بين الوفود .. هذا الأفاك الذي لا يعي ما يخرج من رأسه يريد أن يكون نبيًا .. يريد كما يريد تلاميذه من بعده أن يستبدلوا شريعة الله بتخاريفهم .. إنهم لا يقدمون بدائل صناعية أو زراعية أو حتى عسكرية فيها من الإبداع ما يفيد فهم أعجز من ذلك .. وبدلًا من ذلك يسخرون ثرثرتهم في محاولة استبدال الوحي بالخرافة والحقيقة بالوهم فقط لا أكثر ..

لذلك رفض النبي - صلى الله عليه وسلم - تقديم أي تنازل لأستاذهم مسيلمة حتى ولو كان مجرد قطعة من جريد النخل لا تنفع ولا تضر ولا تقدم ولا تؤخر .. أما:

[كذاب اليمن الأسود العنسي]

فقد كان يضمر في نفسه الخروج على النبي - صلى الله عليه وسلم - في أقرب فرصة أما الآن فهو لا يستطيع الجهر بما في نفسه خوفًا من علي بن أبي طالب الأسد الهصور القادم من المدينة إلى اليمن .. ولم يكن الأسود وحده الذي


(١) صحيح البخاري ٤ - ١٥٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>