للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتناخرت بطارقته، فقال:

وإن تناخرتم والله، اذهبوا فأنتم سيوم في أرضي -والسيوم الآمنون- من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم -ثلاثًا- ما أحب أن لي دبرًا وأني آذيت رجلًا منكم -والدبر بلسانهم: الذهب- والله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه، ولا أطاع الناس في فأطيع الناس فيه، ردوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لي بها فاخرجا من بلادي.

فرجعا مقبوحن مردودًا عليهما ما جاءا به. فأقمنا مع خير جار، وفي خير دار، فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فوالله ما علمنا حزنًا قط كان أشد منه فرقًا من أن يظهر ذلك الملك عليه، فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرف، فجعلنا ندعو الله ونستغفره للنجاشي، فخرج إليه سائرًا.

فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم لبعض:

من رجل يخرج فيحضر الوقعة حتى ينظر ما يكون، فقال الزبير- وكان من أحدثهم سنًا:

أنا. فنفخوا له قربة، فجعلها في صدره، ثم خرج يسبح عليها في النيل حتى خرج من شقه الآخر إلى حيث التقى الناس، فحضر الوقعة، فهزم الله ذلك الملك وقتله، وظهر النجاشي، فجاءنا الزبير يليح علينا بردائه، ويقول:

ألا أبشروا، فقد أظهر الله النجاشي.

فوالله ما علمنا فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النجاشي، ثم أقمنا عنده حتى خرج من خرج منا راجعًا إلى مكة وأقام من أقام) (١).


(١) سيأتي تخريجه في نهاية الخبر التالي، فهو جزء منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>