للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجاء فأسند ظهره إلى نحره" (١) حيث تفاقم عليه المرض .. وكانت فاطمة عليها السلام وأمهات المؤمنين لا يتوقفن عن زيارته بينما كان الألم لا يتوقف عنه .. وبعد أن خرج أسامة والعباس وعلي رضي الله عنهم رأى العباس بفراسته تقاسيم الموت في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - .. ولما خرجا من عنده "قال الناس: يا أبا الحسن .. كيف أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: أصبح بحمد الله بارئًا .. فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب فقال له: أنت والله بعد ثلاث عبد العصا وإني والله لأرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوف يتوفى من وجعه هذا .. إني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت .. اذهب بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلنسأله فيمن هذا الأمر .. إن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا .. فقال علي: إنا والله لئن سألناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده .. وإني والله لا أسألها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (٢) كان العباس يريد معرفة من يخلف النبي- صلى الله عليه وسلم - لكن عليًا كان أبعد نظرًا لأن الخلافة ليست منحة منه عليه الصلاة والسلام: وقد تحدث عليه الصلاة والسلام بكلام خطير ودقيق وهام عن الخلافة وعن الصفات التي لا بد أن تتوفر في الخلفاء .. وما يحل للخليفة وما لا يحل وعن أنه لا يعطي الإمارة من سألها وأشياء كثيرة .. بينما لم يتحدث عن شخص بعينه يجب أن يتولى من بعده مما يعني أنه سيترك للمؤمنين أمر انتخاب الأصلح لهم ولها .. والصحابة بشر لهم وجهات نظر مختلفة وآراء مختلفة ومواهب مختلفة ومزايا مختلفة ولا يمكن أن يجمعوا على شخص بعينه .. لكن هناك


(١) سنده صحيح رواه البيهقي في الدلائل ٧ - ١٩٢ من طريق سعيد بن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب حدثنا حميد الطويل عن ثابت عن أنس وهذا السند على شرط البخاري وقد رواه كثيرًا انظر مثلًا صحيح البخاري (١ - ١٥٧ و١ - ٢٠٩).
(٢) صحيح البخاري ٤ - ١٦١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>