للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتعجيزه - صلى الله عليه وسلم - بكثرة الطلبات .. لكن الله سبحانه ينزل آياته قاطعًا دابر العبث القرشي .. فالإيمان لا يحتاج إلى تلك المطالب الساذجة .. إنه فقط يحتاج قلبًا مفتوحًا وفكرًا سليمًا.

[الرسول (صلى الله عليه وسلم) والتعجيز]

يقول سبحانه عن مطالب هؤلاء: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} (١).

ثم يذكر سبحانه مطالبهم لنبيه - صلى الله عليه وسلم - لكي يؤمنوا: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ}.

لكن الله يبين حقيقة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لهؤلاء الهمج .. إنه مجرد رسول .. بشر .. وليس عليه سوى البلاغ: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} (٢).

[فتى قريش لا ييأس]

مع كل هذا التعنت .. ومحاولات الهروب من حصار الحقيقة يستمر - صلى الله عليه وسلم - في دعوته بلا يأس .. بلا كلل. كلما ضاقت به مكة تلمس الأتباع حولها .. لقد (لبث عشر سنين يتبع الحاج في منازلهم في المواسم -مجنة-عكاظ- ومنازلهم بمنى: من يؤويني وينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله


(١) سورة الإسراء: الآيتان ٨٨، ٨٩.
(٢) سورة الإسراء: الآية ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>