للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه فيذئرهم (١) ذلك عليه- فلم يفعلوا، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم، يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجأوه إلى حائط لعتبه بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وهما فيه، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه، فعمد إلى ظل حبلة (٢) من عنب، فجلس فيه -وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان ما لقي من سفهاء أهل الطائف- وقد لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المرأة التي من بني جمح. فقال لها: ماذا لقينا من أحمائك؟

فلما اطمأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

"اللَّهم أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي. إلى من تكلني: إلى بعيد يتهجمني. أم إلى عدو ملكته أمري. إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك".

فلما رآه ابنا ربيعة: عتبة وشيبة، وما لقي، تحركت له رحمهما، فدعوا غلامًا لهما نصرانيًا يقال له عداس. فقالا:

خذ قطفًا من هذا العنب، فضعه في هذا الطبق، ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه، ففعل عداس، ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم -. ثم قال له:

كل. فلما وضع رسول - صلى الله عليه وسلم - فيه يده قال: "بسم الله" ثم أكل. فنظر عداس في وجهه، ثم قال:


(١) يجعلهم يجترئون عليه.
(٢) الحبلة هي الكرم أو القضيب من الكرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>