للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنها بيعة تلاحق ذلك الرجل المتجه كالغضب نحو المقابر .. تمسك به وتهز كتفيه وتصرخ في وجهه:

ويحك قف ما هذا الذي تحمله على ظهرك قاصدًا به نحو المقابر .. ويحك قف إنه ما زال حيًا .. إنها ابنتك ونبض قلبك .. شريانك ودمك .. ماذا جنت حتى تهيل التراب عليها وهي شاخصة تبلل لحيتك وقبرها بدموع .. تناشدك شيئًا من حنان .. مبادئ عظيمة قبض عليها الأنصار بأيديهم وحملوها إلى يثرب .. فلما أروها بعض قومهم قدموا إلى مكة طمعًا في مثلها فكان:

(يأتيه الرجل، فيؤمن به، فيقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لا يبقى دار من دور يثرب إلا فيها رهط من المسلمين يظهرون الإِسلام) (١). ويبتهجون بتلك المبادئ التي غرسها في أعماقهم هذا الدين المدهش حفظت لهم أعراضهم وأموالهم .. وأطفالهم وأذابت ما بينهم من صدأ الجاهلية .. كحبات المطر يمتزجون سيلًا يغيث الصحراء .. لا فرق بينهم جميعًا .. لكن أكرمهم عند الله أتقاهم ومع ذلك كانوا بحاجة إلى معلم يقرأ عليهم كتاب الله .. فكان:

[مصعب بن عمير في يثرب]

لقد (بعثوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن أبعث إلينا رجلًا من قبلك، فيدعو الناس بكتاب الله، فإنه أدنى أن يتبع، فبعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مصعب ابن عمير" أخا بني عبد الدار، فترل في "بني غنم" على أسعد بن زرارة،


(١) إسنادُهُ صحيحٌ. رواه الإمام أحمد (٢٠/ ٢٦٩ الفتح الرباني) والبيهقيُّ (٢/ ٤٤٢) من طريق: ابن خثيم عن أبي الزبير أن جابر حدثه: أبو الزبير محمَّد بن مسلم بن تدرس ثقة من رجال الشيخين وهو مدلس لكنه سمع من جابر هنا وعبد الله بن عثمان بن خثيم ثقة. قاله النسائي وابن سعد والعجلي وزاد ابن معين: حجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>