للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُسمع، حشته بيعة العقبة الثانية جمرًا محرقًا، فصرخ يدعو جيوشه المشركة لتطفئ ما به من حريق، لقد كان ذلك الصارخ هو عدو الإنسانية كلها:

[الشيطان يصرخ]

يحاول إيقاف غطيط المشركين علهم يتنبهون لما يجري حولهم. يقول كعب بن مالك: (فصرخ الشيطان على العقبة بأبعد -والله- صوت ما سمعته قط، فقال: يا أهل الجباجب (١)، هلَّا لكم في مذمم (٢) -ما يقول محمَّد- والصباء معه قد اجتمعوا على حربكم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"هذا أزب (٣) العقبة .. هذا ابن أزيب .. أما والله لأفرغن لك، ارفضوا (٤) إلى رحالكم". فقال العباس بن عبادة بن نضلة أخو بني سالم: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن على أهل منى بأسيافنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لم نؤمر بذلك، ارفضوا إلى رحالكم". فرجعنا إلى رحالنا، فاضطجعنا على فرشنا، فلما أصبحنا أقبلت جلة من قريش، فيهم: الحارث بن هشام فتى شاب وعليه نعلان جديدان، حتى جاءوا في رحالنا، فقالوا: يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا أنكم جئتم إلى صاحبنا لتستخرجوه من بين أظهرنا، وإنه والله ما من العرب أحد أبغض إلينا أن ينشب الحرب فيما بيننا وبينهم منكم، فانبعث من هناك من قومنا من المشركين، يحلفون لهم بالله ما كان من هذا شيء، وما فعلناه، وأنا أنظر إلى أبي جابر بن عبد الله بن عمرو بن


(١) أسماء منازل بمنى، وسميت به لأن كروش الأضاحي تلقى فيها أيام الحج. اللسان.
(٢) هكذا كان الحاقدون المشركرن يسمونه - صلى الله عليه وسلم -، فيقولون مذممًا بدلًا من محمَّد.
(٣) شيطان اسمه أزب العقبة.
(٤) ارفضوا، أي تفرقوا إلى رحالكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>