للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كبر وشاخ .. ذلك الغلام هو مبدع الإِسلام وشاعره العظيم حسان بن ثابت .. إذًا فاليهود كان لديهم علم بمخرج نبي .. وكانوا يعرفون تاريخ مولده مقرونًا بحدث فلكي يظهر في السماء.

ولم يكن هذا اليهودي هو الوحيد الذي رأى هذا النجم .. ففي مكة رجل حيران .. يقال له: زيد بن عمرو بن نفيل .. كان يحدق في الأصنام يتأملها وهي منصوبة فوق بيت الله .. فلا تزيده الأيام إلا اقتناعًا بتفاهتها وتخلف عقول أتباعها وعابديها .. إنها في نظره لا تعدو كونها حجارة صماء بكماء خرساء لا تقدم ولا تؤخر .. ضاقت بها مكة وضاق زيد بها .. فبحث له عن فسحة بين الفيافي والبطاح .. يتنفس فيها الحرية والتوحيد .. يبحث عن الحقيقة .. يفتش عنها أديرة العباد وصوامع الرهبان .. يسأل ويسأل ولا يكف عن السؤال ... حتى قذف به الطريق بين يدي حبر من أهل الشام .. فأمره بالعودة إلى مكة وقال: (قد خرج في بلدك نبي أو هو خارج، قد خرج نجمه، فارجع وصدقه واتبعه) (١).

وهذا زيد بن ثابت يحدثنا فيقول:

(كان أحبار يهود بني قريظة والنضير يذكرون صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما طلع الكوكب الأحمر أخبروا أنه نبي، وأنه لا نبي بعده، واسمه أحمد،


(١) إسناده حسن، رواه محمَّد بن حبان وأبو نعيم (سيرة ابن كثير ١/ ٢١٢)، قالا: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، حدثنا وهب بن بقية، حدثنا خالد عن محمَّد عن عمرو عن أبي سلمة، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أسامة بن زيد، عن زيد بن عمرو قال: قال لي حبر من أحبار الشام: ... وهذا الإسناد صحيح، وهب بن بقية ثقة. انظر التهذيب (١١/ ١٥٩) وخالد هو ابن عبد الله الطحان وهو ثقة. انظر التهذيب أيضًا (٣/ ١٠٠) ومحمَّد بن عمرو حسن الحديث، ويحيى تابعي ثقة وللحديث شاهد عن البيهقي في الدلائل (١/ ٩١) بسند جيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>