للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن أقل نشاطًا مما يحدث في دار الندوة .. فالكتمان والصمت والعمل الدؤوب شعار للجميع. تقول عائشة:

(فجهزناهما أحث الجهاز، وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها، فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاقين) (١)، فتاتان من فتيات الإسلام يواجهن الموت ليل نهار .. يردن بذلك وجه الله .. ينشرن أذرعهن طريقًا لمدينة الإسلام .. هاتان الفتاتان ليستا وحدهما من بين شباب الإسلام .. كان هناك شاب عظيم طرح للموت جسدًا باعه لله .. يفتدى به رسوله - صلى الله عليه وسلم- ذلك هو:

[علي بن أبي طالب على فراش الموت]

فعندما اتفق الطغاة على تحديد ليلة ينكسون فيها سيوفهم في ذلك الجسد الطاهر .. ثمانية سيوف وربما أكثر تتلمض تريد أن تستحم بدمائه - صلى الله عليه وسلم - وتشب .. يريدون ليطفئوا نور الله .. والله متم نوره .. ولو كان فوق كل حبة رمل سيف لأعدائه .. أرسل الجبار سبحانه وحيًا يحمله جبريل (فأتى جبريل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه، فلما كان العتمة من الليل اجتمعوا على بابه، فترصدوه متى ينام فيثبون عليه، فلما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكانهم قال لعلي بن أبي طالب: نم على فراشي، واتشح (٢) ببردي الحضرمي الأخضر، فنم فإنه لا يخلص إليك شيء تكرهه منهم، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينام في برده ذلك إذا نام) (٣).


(١) حديث صحيح. رواه البخاري، وقد مر معنا أوله.
(٢) أي تغط.
(٣) جزء من حديث طويل مر معنا وهو عن اجتماع دار الندوه وهو حسن بالشواهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>