للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما أهلها .. فعلى طريق مكة يترددون .. ينتظرون (يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة) (١) .. فرحوا بأصحابه واستقبلوهم .. وفتحوا لهم بيوتهم وصدورهم .. و (لما سمعوا بمخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتوكفوا (٢) قدومه .. كانوا يخرجون إذا صلوا الصبح إلى الحرة ينتظرونه حتى تغلبهم الشمس على الظلال ويؤذيهم حر الظهيرة، فإذا لم يجدوا ظلًا دخلوا .. وذلك في أيام حارَّة) (٣) .. هذه هي المدينة المشتاقة وهؤلاء هم أهلها ..

أما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فما زال على الرمضاء يسير .. وفي مسيره ذلك يلتقي بشابٍ يحبه، يلتقي بشاب من أبطال الإسلام، إنه زوج (ذات النطاقين) زوج أسماء بنت أبي بكر الصديق واسمه: الزبير بن العوام، فهل كان قادمًا من المدينة؟ .. لا .. لقد كان في الشام، سافر مع قافلة من قوافل الصيف ثم عاد .. لقد (لقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ركب من المسلمين كانوا تجارًا بالشام قافلين إلى مكة، فعارضوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكسا الزبير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر ثيابًا بيضًا) (٤) .. قبل- صلى الله عليه وسلم - الهدية من ابن عمته، ولبس وصاحبه الثياب، وأقبلا على المدينة .. يختلط بياض ثيابهم ببياض السراب .. لكن بعد أن أحرقت الشمس المنتظرين، فعادوا بعد انتظار طويل ..


(١) حديث صحيح. رواه البخاري (٣٩٠٦).
(٢) أي توقعوه وسألوا عنه.
(٣) سنده قوي. رواه ابن إسحاق (سيرة ابن كثير ٢/ ٢٦٨) حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة عن رجال من الصحابة. ومحمَّد ثقة (التقريب ٢/ ١٥٠) وعبد الرحمن ولد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وروايته عن الصحابة ويشهد له ماقبله.
(٤) حديث صحيح. رواه البخاري (٣٩٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>