للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت (خير دور الأنصار بني النجار) (١) فإن (في كل دور الأنصار خير) (٢) ... فالله جعل (آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار) (٣) .. فـ (لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله) (٤).

الأنصار الآن يتوافدون .. يتتابعون نحو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. يسلِّمون .. يثلجون صدورهم بالقرب من حبيبهم .. كانوا يحملون الولاء والحب وشيئًا من الطعام .. كلٌ حسب ما يجد .. لكن أحد الفقراء المعدمين الذين لا يملكون حتى ثيابهم كان على الباب ينتظر ..

كانت هيئته رثةً تدمى القلب .. وتدمع العن .. ومع ذلك استطاع بعد جهد وعرق أن يحصل على شيء من طعام لا ليأكله .. لا ليتصدق به بل ليهديه.

[فمن هذا الشخص الغريب؟]

أتذكرون ذلك المسكين الذي قدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في قباء وقدم له صدقة من طعام فأكل الصحابة منه ولم يأكل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. قباء تذكره .. وأنتم؟ .. ها هو يأتي مرة أخرى يحمل هدية من طعام تحملها يدان تشققتا من العبودية والكدح والشقاء .. تحمله أقدامه دامية .. عصفتها الدروب والثلوج والرمضاء والرياح .. وما إن وقف ذلك المسكين أمام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى قال له:


(١) حديث صحيح. متفق عليه.
(٢) متفق عليه وهو أخر الحديث السابق.
(٣) صحيح. رواه البخاري (٣٧٨٤).
(٤) صحيح. رواه البخاري (٣٧٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>