للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فما رؤيت ساعة أكثر باكيًا من تلك الساعة) (١).

ومرة يقول أبو هريرة رض الله عنه:

(خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا كنا بودان قال: مكانكم حتى آتيكم. فانطلق، ثم جاءنا وهو ثقيل. فقال: إني أتيت قبر أم محمَّد) (٢)، وماذا يملك محمَّد لأمه سوى الدموع .. فهو مجرد نبي مرسل .. والأمر كله لله وحده .. فعليه الصبر والاحتساب .. كما صبر في صغره على مرارة اليتم ووحشته.

[في بيت عبد المطلب]

بعد رحيل آمنة .. امتدت يد جده عبد المطلب تفيض حنانًا إليه .. حمله إلى بيته حيث تربى في كنفه .. في كنف هذا الرجل الكريم الطباع .. صاحب الشرف وساقي الحجيج .. فكانت أولى خطواته في درب الرجولة .. شب محمَّد اليتيم يتحمل المسؤولية .. وكأن اليتم علمه أن الحياة لا تستحق شيئًا .. لكن لها جمالًا لا ينال إلا بالكفاح .. لقد أحبه عبد المطلب وهو يرى الرجولة تشع من إهابه .. فلم يرسله في حاجة إلا جاء بها .. ولم يأمره بأمر إلا قام بتنفيذه على الوجه الأكمل. إلا في يوم من أيام الحج .. حيث الأصابع تشير إلى عبد المطلب ساقي الحجيج وزعيم


(١) ذكر ابن كثير هذا الحديث وعزاه للبيهقي، وأورد إسناده وهو صحيح: سفيان الثوري، عن علقة بن مرثد عن سليمان بريدة عن أبيه. سليمان تابعي. انظر التقريب (١/ ٣٢١) وعلقمة بن مرثد الحضرمي، ثقة أيضًا. انظر التقريب (٢/ ٣١)، ورواه البيهقي أيضًا (سيرة ابن كثير ١/ ٢٣٦) بسند حسن لولا عنعنة ابن جريج فيه.
(٢) رواه الإمام أحمد، وهو حسن بالشواهد لأنه من طريق أيوب بن جابر بن سيار السحيمى وفيه ضعف. (التقريب ١/ ٨٩) سيرة ابن كثير (١/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>